للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

نَقْصَ بَعْضَ الدَّنَانِيرِ وَهَذِهِ عَلَامَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ السِّكَّةِ كَاَلَّتِي شَرَطَ سَحْنُونٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَهُوَ الَّذِي يَصِفُهَا أَخَذَهَا عَلَى حَسْبِ مَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا إذَا كَانَ الَّذِي وَصَفَهَا وَاحِدًا فَإِنْ وَصَفَهَا رَجُلَانِ وَتَسَاوَيَا فِي صِفَتِهَا حَلَفَا وَتَقَاسَمَاهَا، وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا فَهِيَ لِلْآخَرِ فَإِنْ وَصَفَهَا أَحَدُهُمَا فَأَخَذَهَا ثُمَّ آتَى آخَرُ فَوَصَفَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَدْفَعُ الدَّافِعُ إلَيْهِ شَيْئًا.

وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَزَادَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّانِي وَصَفَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ وَالْأَوَّلُ وَاصِفٌ فَصَاحِبُ الْبَيِّنَةِ أَحَقُّ بِهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ صَارَتْ لَهُ يَدٌ فَإِذَا تَسَاوَيَا كَانَ أَحَقُّ بِهَا لِلْيَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الثَّانِي بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ فَبَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَقْوَى مِنْ الْيَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَشَأْنُك بِهَا إبَاحَةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا لِمَا رَآهُ مِنْ إنْفَاقٍ، أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ التَّمَادِي عَلَى الْحِفْظِ، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اعْرَفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، وَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إلَيْهِ» ، وَرَوَى سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِتَعْرِيفِهَا حَوْلًا بَعْدَ حَوْلٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِنْفَاقِ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِسْلَافِ لَهَا وَأَنَّهُ مَتَى أَتَى صَاحِبُهَا كَانَ لَهُ أَخْذُهَا وَرَأَى مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ أَفْضَلَ ذَلِكَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَدَّاهَا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ كَانَ لَهُ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْزَهُ وَأَبْرَأُ مِنْ التَّسَرُّعِ إلَيْهَا وَتَرْكِ الِاجْتِهَادِ فِي تَعْرِيفِهَا، وَمَنْ اسْتَنْفَقَهَا بَعْدَ الِاجْتِهَادِ فِي التَّعْرِيفِ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَتَى أَتَى صَاحِبُهَا أَدَّاهَا إلَيْهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إلَيْهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَإِنْ مَاتَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فَهُوَ فِي سِعَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ مِقْدَارٌ فَأَمَّا الشَّيْءُ التَّافِهُ الَّذِي لَا قَدْرَ لَهُ وَيُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَتَّبِعُهُ فَلَا تَعْرِيفَ فِيهِ.

وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الَّذِي يَجِدُ الْعَصَا وَالسَّوْطَ يُعَرِّفَانِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْ بِهِ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا ثَمَنَ لَهُ إلَّا بَعْضَ الدِّرْهَمِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الدِّرْهَمِ وَمَا أَشْبَهَهُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ قَبْلَ السَّنَةِ وَأَصْلُ هَذَا مَا رَوَى طَلْحَةُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتهَا» فَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهَا مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ تَعْرِيفَهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا عِنْدِي حُكْمُ لُقَطَةِ كُلِّ بَلَدٍ إلَّا مَكَّةَ فَإِنَّ لُقَطَتَهَا لَا تُسْتَبَاحُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ سَنَةً وَعَلَى صَاحِبِهَا أَنْ يُعَرِّفَ أَبَدًا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» فَخَصَّ مَكَّةَ بِهَذَا الْحُكْمِ وَحَرَّمَ سَاقِطَتَهَا عَلَى مُنْتَفِعٍ بِهَا، أَوْ مُتَصَدِّقٍ بِهَا وَجَعَلَهَا لِمَنْ يُنْشِدُهَا خَاصَّةً وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ مَكَّةَ يَرِدُهَا النَّاسُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ بَعِيدٍ فَهُوَ فِي تَعْرِيفِهَا أَبَدًا يَرْجُو أَنْ يَصِلَ الْخَبَرُ إلَى الْبِلَادِ النَّائِيَةِ وَيَتَمَكَّنُ لِمَنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْخَبَرُ أَنْ يَرُدَّ الْخَبَرَ لِطَلَبِهَا، أَوْ يَسْتَنِيبَ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ فَإِنَّهُ إذَا طَالَ أَمَدُهَا وَلَمْ يَأْتِ مَنْ يَتَعَرَّفُهَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ بِمَوْتٍ، أَوْ بُعْدٍ لَا يُرْجَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هِيَ لَك، أَوْ لِأَخِيك، أَوْ لِلذِّئْبِ» قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: إنَّ ذَلِكَ فِي الْقِفَارِ، أَوْ الْبَعِيدِ مِنْ الْقُرَى وَحَيْثُ إنْ تَرَكَهَا أَكَلَهَا السَّبُعُ وَهِيَ مَعْنَى قَوْلِهِ هِيَ لَك، أَوْ لِأَخِيك، أَوْ لِلذِّئْبِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يُرْجَى رُجُوعُهُ إلَيْهَا إنْ أَخَذْتهَا أَنْتَ وَإِلَّا أَخَذَهَا أَخُوك مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَكَلَهَا السَّبُعُ وَمَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إبَاحَةُ أَخْذِهَا وَأَكْلِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

<<  <  ج: ص:  >  >>