للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً جَزَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ هَدْيَ تَمَتُّعٍ فَأُصِيبَ فِي الطَّرِيقِ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً، ثُمَّ ضَلَّتْ أَوْ مَاتَتْ فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ نَذْرًا أَبْدَلَهَا وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا) .

ــ

[المنتقى]

النَّحْرُ فِيهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا عَطِبَ بِمَوْضِعٍ يَجُوزُ فِيهِ نَحْرُهُ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَإِذَا عَطِبَ بِمَحِلٍّ لَا يَجُوزُ فِيهِ نَحْرُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا عَطِبَ قَبْلَ الْوُصُولِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ إنَّمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْهَدْيِ بِتِلْكَ الْعَيْنِ لِتَطَوُّعِهِ وَتَعْيِينِهِ لَهَا فَإِذَا عَطِبَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ أَوْ أَمَرَ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ صَاحِبَ هَدْيِهِ لَمَّا عَطِبَ مِنْهُ أَنْ يَنْحَرَهَا وَيُلْقِيَ قَلَائِدَهَا فِي دَمِهَا وَيُخَلِّيَ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا» وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَأْكُلَ شَيْئًا مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّمَا مُنِعَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ أَنْ يُسْرِعَ إلَى إعْطَائِهَا لِيَأْكُلَ مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا وَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا أَبْدَلَهَا عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - غَيْرَ أَنَّ التَّعْلِيلَ فِيهِ تِلْكَ الْقُوَّةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا قَلَّدَهُ هَدْيًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يُبَلِّغَهُ مَحِلَّهُ فَقَدْ يَضْمَنُ ذَلِكَ الِامْتِنَاعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى وَجْهِ إتْلَافِ عَيْنِهِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ.

وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الرَّأْيُ أَنْ يَغْرَمَ مَا أَكَلَ وَلَكِنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِتَضْمِينِهِ كُلِّهِ وَمَا قَالَهُ سُفْيَانُ يَطَّرِدُ عَلَى مَا عَلَّلْنَا بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ بَدَلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَغْرَمُ مَا أَكَلَ هَدْيًا، وَالْهَدْيُ لَا يَتَبَعَّضُ فَمَنْ لَزِمَهُ بَعْضُهُ لَزِمَهُ جَمِيعُهُ لِيَصِحَّ كَوْنُهُ هَدْيًا.

(ش) : قَوْلُهُ مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً جَزَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ هَدْيَ تَمَتُّعٍ فَأُصِيبَتْ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَدَنَةَ قَدْ تُهْدَى عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ التَّطَوُّعُ، فَأَمَّا مَا أُهْدِيَ مِنْهُ عَنْ وَاجِبٍ ابْتَدَأَ بِنَذْرِهِ أَوْ عَنْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَصَابَهُ أَوْ لِجَبْرِ عِبَادَةٍ كَالْمُتَمَتِّعِ فَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهُ وَمَعْنَى هَذَا النَّذْرِ أَنْ يَنْذِرَ بَدَنَةً فِي ذِمَّتِهِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَدَلُهَا؛ لِأَنَّ إيجَابَهَا بِالنَّذْرِ كَإِيجَابِهَا بِالتَّقْلِيدِ، وَأَمَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ هَدْيٍ مُتَعَلِّقٍ بِذِمَّتِهِ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اتِّصَالُهُ إلَى مَحِلِّهِ عَلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ أُصِيبَ فِي الطَّرِيقِ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ.

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً، ثُمَّ ضَلَّتْ فَإِنْ كَانَتْ نَذْرًا يُرِيدُ نَذْرًا مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ وَهَذَا حُكْمُ كُلِّ هَدْيٍ مُتَعَلِّقٍ بِالذِّمَّةِ مِنْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَنْ يُبَدَّلَ إنْ ضَلَّ فَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ضَلَّ قَبْلَ الْإِيجَابِ فَأَبْدَلَهُ فَلَا يَلْزَمُ نَحْرُهُ إذَا وَجَدَهُ وَلْيَتَصَرَّفْ فِيهِ بِمَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ ضَلَّ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَوَجَدَهُ بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ وَاَلَّذِي نَأْخُذُ بِهِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إنْ كَانَ أَدْخَلَهُ مِنْ الْحِلِّ، وَإِلَّا أَخْرَجَهُ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الْحَرَمِ فَنَحَرَهُ بِمَكَّةَ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَشْهَبَ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ هَدْيٌ أَوْجَبَهُ لِقِرَانِهِ وَقَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ دُونَ نَقْصٍ فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَهُ أَصْلُهُ إذَا وَجَدَهُ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَهُ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالنَّحْرِ لَزِمَهُ هَذَا الْحُكْمُ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ ضَلَّ هَدْيُ النَّذْرِ فَأَبْدَلَهُ، ثُمَّ وَجَدَ الْأَوَّلَ لَزِمَهُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ ضَلَّ هَدْيُهُ الْوَاجِبُ اشْتَرَى غَيْرَهُ فَقَلَّدَهُ، ثُمَّ وَجَدَ الْأَوَّلَ فَهُمَا هَدْيَانِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْ الْأَوَّلِ يُرِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>