للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٣١ - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، وَحَاذُوا بَيْنَ مَنَاكِبِكُمْ، وَلِينُوا فِي أَيْدِي إخْوَانِكُمْ، وَسُدُّوا الْخَلَلَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ فِيمَا بَيْنَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْحَذْفِ» - يَعْنِي أَوْلَاد الضَّأْن الصِّغَار - رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْوُجُوهُ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَفِي إسْنَاده ضَعْف. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْوَعِيد الْمَذْكُور عَلَى الْمَجَاز

قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ يُوقِع بَيْنكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء وَاخْتِلَاف الْقُلُوب كَمَا تَقُول: تَغَيَّرَ وَجْه فُلَان أَيْ ظَهَرَ لِي مِنْ وَجْهه كَرَاهَة؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتهمْ فِي الصُّفُوف مُخَالَفَة فِي ظَوَاهِرهمْ، وَاخْتِلَاف الظَّوَاهِر سَبَب لِاخْتِلَافِ الْبَوَاطِن، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ: «أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَعْنَاهُ تَفْتَرِقُونَ فَيَأْخُذ كُلّ وَاحِد وَجْهًا غَيْر الَّذِي يَأْخُذهُ صَاحِبه؛ لِأَنَّ تَقَدُّم الشَّخْص عَلَى غَيْره مَظِنَّة لِلتَّكَبُّرِ الْمُفْسِد لِلْقَلْبِ الدَّاعِي إلَى الْقَطِيعَة. وَالْحَاصِل أَنَّ الْمُرَاد بِالْوَجْهِ إنْ حُمِلَ عَلَى الْعُضْو الْمَخْصُوص فَالْمُخَالَفَة إمَّا بِحَسَبِ الصُّورَة الْإِنْسَانِيَّة أَوْ الصِّفَة أَوْ جَعْل الْقُدَّام وَرَاء، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى ذَات الشَّخْص فَالْمُخَالَفَة بِحَسَبِ الْمَقَاصِد أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْكَرْمَانِيُّ

وَيُحْتَمَل أَنْ يُرَاد الْمُخَالَفَة فِي الْجَزَاء فَيُجَازِي الْمُسَوِّي بِخَيْرٍ وَمَنْ لَا يُسَوِّي بِشَرٍّ. قَوْله: (كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاح) هِيَ جَمْع قِدْح بِكَسْرِ الْقَاف وَإِسْكَان الدَّال الْمُهْمَلَة: وَهُوَ السَّهْم قَبْل أَنْ يُرَاشَ وَيُرَكَّب فِيهِ النَّصْل قَوْله: (يُلْزَق) بِضَمِّ أَوَّله يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيف يُقَال: أَلْزَقْتُهُ وَلَزَّقْتُهُ قَوْله: (مَنْكِبه) الْمَنْكِب مُجْتَمَع الْعَضُد وَالْكَتِف.

الْحَدِيث قَالَ الْمُنْذِرِيَّ فِي التَّرْغِيب وَالتَّرْهِيب: رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْس بِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَخْرَجَ نَحْوه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْرَجَا نَحْوه أَيْضًا مِنْ حَدِيث أَنَسٍ. قَوْله: (وَحَاذُوا بَيْن مَنَاكِبكُمْ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالذَّال الْمُعْجَمَة: أَيْ اجْعَلُوا بَعْضهَا حِذَاء بَعْض بِحَيْثُ يَكُون مَنْكِب كُلّ وَاحِد مِنْ الْمُصَلِّينَ مُوَازِيًا لِمَنْكِبِ الْآخَر وَمُسَامِتًا لَهُ، فَتَكُون الْمَنَاكِب وَالْأَعْنَاق عَلَى سَمْت وَاحِد قَوْله: (وَلِينُوا فِي أَيْدِي إخْوَانكُمْ) لَفْظ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ: " وَلِينُوا بِأَيْدِي إخْوَانكُمْ " أَيْ إذَا جَاءَ الْمُصَلِّي وَوَضَعَ يَده عَلَى مَنْكِب الْمُصَلِّي فَلْيَلِنْ لَهُ بِمَنْكِبِهِ، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ مَنْ يُسَوِّي الصُّفُوفَ بِالْإِشَارَةِ بِيَدِهِ أَنْ يَسْتَوِيَ فِي الصَّفّ أَوْ وَضَعَ يَده عَلَى مَنْكِبه فَلْيَسْتَوِ، وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُل فِي الصَّفّ فَلْيُوسِعْ لَهُ. قَالَ فِي الْمَفَاتِيح شَرْح الْمَصَابِيح: وَهَذَا أَوْلَى وَأَلْيَق مِنْ قَوْل الْخَطَّابِيِّ: إنَّ مَعْنَى لِينِ الْمَنْكِبِ: السُّكُون وَالْخُشُوع، قَوْله: (وَسُدُّوا الْخَلَل) هُوَ بِفُتْحَتَيْنِ: الْفُرْجَة بَيْن الصَّفَّيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْله: (الْحَذْفُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: بِحَاءٍ مُهْمَلَة وَذَال مُعْجَمَة مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ فَاء وَاحِدَتهَا حَذَفَةٌ مِثْل قَصَب وَقَصَبَة، وَهِيَ غَنَم سُود صِغَار تَكُون بِالْيَمَنِ وَالْحِجَاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>