بَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ مِنْ اللِّبَاسِ
١٨٧٩ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ، وَلَا زَعْفَرَانٌ، وَلَا الْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ.» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ وَذَكَرَ مَعْنَاهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ رَجُلًا نَادَى فِي الْمَسْجِدِ مَاذَا يَتْرُكُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ مِنْ اللِّبَاسِ]
؟ قَوْلُهُ: (مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ لَا يَلْبَسُ) . . . إلَخْ قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْجَوَابُ مِنْ بَدِيعِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُلْبَسُ مُنْحَصِرٌ فَحَصَلَ التَّصْرِيحُ بِهِ، وَأَمَّا الْمَلْبُوسُ الْجَائِزُ فَغَيْرُ مُنْحَصِرٍ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ كَذَا أَيْ وَيَلْبَسُ مَا سِوَاهُ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: سُئِلَ عَمَّا يُلْبَسُ فَأَجَابَ بِمَا لَيْسَ يُلْبَسُ لِيَدُلَّ بِالْإِلْزَامِ مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ عَلَى مَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْجَوَابِ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ حَقَّ السُّؤَالِ أَنْ يَكُونَ عَمَّا لَا يُلْبَسُ لِأَنَّهُ الْحُكْمُ الْعَارِضُ فِي الْإِحْرَامِ الْمُحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ؛ إذْ الْجَوَازُ ثَابِتٌ بِالْأَصْلِ مَعْلُومٌ بِالِاسْتِصْحَابِ وَكَانَ اللَّائِقُ السُّؤَالَ عَمَّا لَا يُلْبَسُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا شِبْهُ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ وَيَقْرُبُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ} [البقرة: ٢١٥] إلَخْ. فَعَدَلَ عَنْ جِنْسِ الْمُنْفَقِ وَهُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ إلَى جِنْسِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ كَيْفَ كَانَ وَلَوْ بِتَغْيِيرٍ أَوْ زِيَادَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُطَابَقَةُ انْتَهَى. وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا السُّؤَالُ عَنْ اللُّبْسِ
وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ مِنْ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ وَقَدْ رَوَاهَا كَذَلِكَ أَبُو عَوَانَةَ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهِيَ شَاذَّةٌ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو عَوَانَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute