بَابُ مَا يَقُولُ فِي رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ انْتِصَابِهِ
٧٤٠ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الْمُصَلِّي عَامِلًا بِجَمِيعِ مَا وَرَدَ وَالْأَمْرُ بِتَعْظِيمِ الرَّبِّ فِي الرُّكُوعِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
[بَابُ مَا يَقُولُ فِي رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ انْتِصَابِهِ]
قَوْلُهُ: (إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ) فِيهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ يَكُونُ مُقَارِنًا لِحَالِ الْقِيَامِ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنْ قُعُودٍ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) فِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ كُلُّ مُصَلٍّ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُؤْتَمِّ وَالْمُنْفَرِدِ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَعَطَاءٌ وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو بُرْدَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُد قَالُوا: إنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ يَقُولُ فِي حَالَ ارْتِفَاعِهِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا، يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَقَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ وَيَحْمَدُ الْمُؤْتَمُّ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ أَيْضًا، وَلَكِنْ يُسْمِعُ الْمُؤْتَمَّ
وَقَالَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُ يَقُولُ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَطْ، وَالْمَأْمُومُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَقَطْ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، قَالَ: وَبِهِ أَقُولُ. انْتَهَى. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ النَّاصِرِ. احْتَجَّ الْقَائِلُونَ: بِأَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا كُلُّ مُصَلٍّ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَلَكِنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الدَّعْوَى، لِأَنَّهُ حِكَايَةٌ لِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، وَالْغَالِبُ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْإِمَامِ. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا نَقَلَهُ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَجَعَلَهُ الطَّحَاوِيُّ حُجَّةً لِكَوْنِ الْإِمَامِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيُلْحَقُ بِهِمَا الْمُؤْتَمُّ، لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِوَاءُ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَشْرُوعِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا مَا صَرَّحَ الشَّرْعُ بِاسْتِثْنَائِهِ
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا: بِمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute