بَابُ تَسْنِيمِ الْقَبْرِ وَرَشِّهِ بِالْمَاءِ وَتَعْلِيمِهِ لِيُعْرَفَ وَكَرَاهَةِ الْبِنَاءِ وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهِ
١٤٦٩ - (عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ «رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَنَّمًا.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ) .
١٤٧٠ - (وَعَنْ الْقَاسِمِ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّهْ بِاَللَّهِ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لَهُ عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٍ، وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ تَسْنِيمِ الْقَبْرِ وَرَشِّهِ بِالْمَاءِ وَتَعْلِيمِهِ لِيُعْرَفَ وَكَرَاهَةِ الْبِنَاءِ وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهِ]
الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَخْرَجَهَا أَيْضًا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورِ، وَزَادَ: وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ وَقَبْرُ عُمَرَ كَذَلِكَ. وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَخْرَجَهَا أَيْضًا الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَزَادَ " وَرَأَيْت قَبْرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَدَّمًا، وَأَبَا بَكْرٍ رَأْسُهُ بَيْنَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُمَرَ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ".
وَفِي الْبَابِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ قَالَ: (رَأَيْت قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شِبْرًا أَوْ نَحْوَ شِبْرٍ) وَعَنْ عُثَيْمِ بْنِ بِسْطَامٍ الْمَدِينِيِّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ فِي كِتَابِ صِفَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " رَأَيْت قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إمَارَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَأَيْته مُرْتَفِعًا نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَرَأَيْت قَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَرَاءَ قَبْرِهِ وَرَأَيْت قَبْرَ عُمَرَ وَرَاءَ قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ أَسْفَلَ مِنْهُ. " قَوْلُهُ: (مُسَنَّمًا) أَيْ مُرْتَفِعًا. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: التَّسْنِيمُ ضِدُّ التَّسْطِيحِ، وَقَالَ: سَطَحَهُ كَمَنَعَهُ بَسَطَهُ
قَوْلُهُ: (وَلَا لَاطِئَةً) أَيْ وَلَا لَازِقَةً بِالْأَرْضِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ التَّسْنِيمِ وَالتَّسْطِيحِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ الْكُلِّ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ إلَى أَنَّ التَّسْطِيحَ أَفْضَلُ. وَاسْتَدَلُّوا بِرِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَذْكُورَةِ وَمَا وَافَقَهَا قَالُوا: وَقَوْلُ سُفْيَانَ التَّمَّارِ لَا حُجَّةَ فِيهِ، كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ فِي الْأَوَّلِ مُسَنَّمًا، بَلْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مُسَطَّحًا، ثُمَّ لَمَّا بُنِيَ جِدَارُ الْقَبْرِ فِي إمَارَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ صَيَّرُوهَا مُرْتَفِعَةً. وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ. وَيُرَجِّحُ التَّسْطِيحَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا " أَنْ لَا يَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّاهُ " وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُزَنِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَادَّعَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ اتِّفَاقَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute