أَبْوَابُ الْإِجَارَةِ بَابُ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مِنْ النَّفْعِ الْمُبَاحِ
٢٣٦٤ - (عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ قَالَتْ: «وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا، وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَأَمِنَاهُ، فَدَفَعَا إلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ فَارْتَحَلَا» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ)
٢٣٦٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الْغَنَمَ،
ــ
[نيل الأوطار]
عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَزْرَعَ أَرْضَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يُعِيرَهَا أَوْ يُعَطِّلَهَا، بَلْ يَجُوزُ لَهُ أَمْرٌ رَابِعٌ وَهُوَ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْعَارِيَّةُ لَا تَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِذَا انْتَفَى الْوُجُوبُ بَقِيَ النَّدْبُ
[أَبْوَابُ الْإِجَارَةِ]
[بَابُ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مِنْ النَّفْعِ الْمُبَاحِ]
قَوْلُهُ: (وَاسْتَأْجَرَ) الْوَاوُ ثَابِتَةٌ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قِصَّةٍ قَبْلَهَا، وَقَدْ سَاقَهَا الْبُخَارِيُّ مُسْتَوْفَاةً فِي الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ: (الدِّيلِ) بِالْكَسْرِ لِلدَّالِ: حَيٌّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِي مَادَّةِ " د ول "، وَذَكَرَ فِي مَادَّةِ " د أل " أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى قَبَائِلَ وَأَنَّهُ يَأْتِي بِفَتْحِ الدَّالِ وَبِضَمِّهَا وَكَعِنَبٍ قَوْلُهُ: (خِرِّيتًا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ فَوْقَانِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ، مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ: (وَأَمِنَاهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمُخَفَّفَةِ: ضِدُّ الْخِيَانَةِ قَوْلُهُ: (غَارَ ثَوْرٍ) هُوَ الْغَارُ الْمَذْكُورُ فِي التَّنْزِيلِ، وَثَوْرٌ جَبَلٌ بِمَكَّةَ وَلَيْسَ هُوَ الْجَبَلَ الَّذِي فِي الْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إنَّ الْمَدِينَةَ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إلَى ثَوْرٍ» وَقَدْ سَبَقَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ عَلَى هِدَايَةِ الطَّرِيقِ إذَا أَمِنَ إلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ: بَابُ اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا لَا أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْفُقَهَاءُ يُجِيزُونَ اسْتِئْجَارَهُمْ، يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَغَيْرِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الذِّلَّةِ لَهُمْ، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ مِنْ الْمُشْرِكِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِذْلَالِ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute