- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتَاعَهُ فَنَادَى الْأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسَ فَابْتَعْهُ وَإِلَّا بِعْتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الْأَعْرَابِيِّ: أَوَلَيْسَ قَدْ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا وَاَللَّهِ مَا بِعْتُكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلَى قَدْ ابْتَعْتُهُ فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا، قَالَ خُزَيْمَةُ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ ابْتَعْتَهُ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُ؟ فَقَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَجَعَلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد) . الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد ثِقَاتٌ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ الْبَيْعِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ]
قَوْلُهُ: (ابْتَاعَ فَرَسًا) قِيلَ: هَذَا الْفَرَسُ هُوَ الْمُرْتَجَزُ الْمَذْكُورُ فِي أَفْرَاسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُسْنِ صَهِيلِهِ كَأَنَّهُ بِصَهِيلِهِ يُنْشِدُ رَجَزَ الشِّعْرِ الَّذِي هُوَ أَطْيَبُهُ، وَكَانَ أَبْيَضَ، وَقِيلَ: هُوَ الطِّرْفُ بِكَسْرِ الطَّاءِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّجِيبُ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَعْرَابِيٍّ) قِيلَ: هُوَ سَوَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: هُوَ سَوَاءُ بْنُ قَيْسٍ الْمُحَارِبِيُّ قَوْلُهُ: (فَاسْتَتْبَعَهُ) السِّينُ لِلطَّلَبِ: أَيْ: أَمَرَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ إلَى مَكَانِهِ كَاسْتِخْدَامِهِ إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَخْدُمَهُ وَفِيهِ شِرَاءُ السِّلْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ حَاضِرًا، وَجَوَازُ تَأْجِيلِ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ إلَى مَنْزِلِهِ. قَوْلُهُ: (فَطَفِقَ) بِكَسْرِ الْفَاءِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَبِفَتْحِهَا عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ. قَوْلُهُ: (بِالْفَرَسِ) الْبَاءُ زَائِدَةُ فِي الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَمَةَ تَتَعَدَّى بِنَفْسِهَا، تَقُولُ: سِمْتُ الشَّيْءَ
قَوْلُهُ (لَا يَشْعُرُونَ) . . . إلَخْ، أَيْ: لَمْ يَقَعْ مِنْ الصَّحَابَةِ السَّوْمُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْبَيْعِ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَنْ عَلِمَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ قَوْلُهُ: (لَا وَاَللَّهِ مَا بِعْتُكَ) قِيلَ: إنَّمَا أَنْكَرَ هَذَا الصَّحَابِيُّ الْبَيْعَ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمُنَافِقِينَ كَانَ حَاضِرًا، فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَقَعْ صَحِيحًا، وَأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ مَا بَاعَهُ فَاعْتَقَدَ صِحَّةَ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ لَهُ نِفَاقَهُ، وَلَوْ عَلِمَهُ لَمَا اغْتَرَّ بِهِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ هُوَ اللَّائِقُ بِحَالِ مَنْ كَانَ صَحَابِيًّا، وَلَكِنْ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلْ حُبُّ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يُوجَدَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَنْ يُؤْثِرُ الْعَاجِلَةَ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [آل عمران: ١٥٢] وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُمْ. قَوْلُهُ: (هَلُمَّ) هَلُمَّ بِضَمِّ اللَّامِ وَبِنَاءِ الْآخِرِ عَلَى الْفَتْحِ لِأَنَّهُ اسْمُ فِعْلٍ، وَشَهِيدًا مَنْصُوبٌ بِهِ وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ: أَيْ: هَلُمَّ شَاهِدًا، زَادَ النَّسَائِيّ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَدْ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ فَطَفِقَ النَّاسُ يَلُوذُونَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَعْرَابِيِّ وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ وَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَاهِدًا إنِّي قَدْ بِعْتُكَهُ» قَوْلُهُ: (بِمَ تَشْهَدُ) أَيْ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ تَكُ حَاضِرًا عِنْدَ وُقُوعِهِ؟ .
وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute