للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤٤٣ - (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ دَفْعِ الصَّائِلِ وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَأَنَّ الْمَصُولَ عَلَيْهِ يُقْتَلُ شَهِيدًا]

حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا بَقِيَّةُ أَهْلِ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْهُ بِلَفْظِ: " وَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " مَا كَانَ عَلَيْكَ فِيهِ شَيْءٌ " وَقَدْ تَعَقَّبَ الْحَافِظُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ التَّلْخِيصِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ، وَفِي هَذَا التَّعَقُّبِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَقَدْ اعْتَرَفَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ بِأَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَمْرٍو وَذَكَرَ الْقِصَّةَ

وَأَحَادِيثُ الْبَابِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ مُقَاتَلَةُ مَنْ أَرَادَ أَخْذَ مَالِ إنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إذَا كَانَ الْأَخْذُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ وَالْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ الْمُقَاتَلَةَ وَاجِبَةٌ وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: لَا تَجُوزُ إذَا طَلَبَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ، وَلَعَلَّ مُتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمُقَاتَلَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ إلَى مَنْ رَامَ غَصْبَهُ وَأَمَّا الْقَائِلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي الشَّيْءِ الْخَفِيفِ، فَعُمُومُ أَحَادِيثِ الْبَابِ يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، فَلَا يَعْدِلُ الْمُدَافِعُ إلَى الْقَتْلِ مَعَ إمْكَانِ الدَّفْعِ بِدُونِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِنْشَادِ اللَّهِ قَبْلَ الْمُقَاتَلَةِ، وَكَمَا تَدُلُّ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى جَوَازِ الْمُقَاتَلَةِ لِمَنْ أَرَادَ أَخْذَ الْمَالِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُقَاتَلَةِ لِمَنْ أَرَادَ إرَاقَةَ الدَّمِ وَالْفِتْنَةَ فِي الدِّينِ وَالْأَهْلِ

وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ أَوْ نَفْسُهُ أَوْ حَرِيمُهُ فَلَهُ الْمُقَاتَلَةُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَ عَمَّا ذُكِرَ إذَا أُرِيدَ ظُلْمًا بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ، إلَّا أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ فِي قَتْلِ مَنْ كَانَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذَكَرنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَمَلَ الْأَوْزَاعِيُّ أَحَادِيثَ الْبَابِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي لِلنَّاسِ فِيهَا إمَامٌ وَأَمَّا حَالَةُ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ فَلِيَسْتَسْلِمْ الْمَبْغِيُّ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَلَا يُقَاتِلْ أَحَدًا قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، يَعْنِي: حَدِيثَ الْبَابِ، وَأَحَادِيثُ الْبَابِ مُصَرِّحَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>