بَابُ دَفْعِ الصَّائِلِ وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَأَنَّ الْمَصُولَ عَلَيْهِ يُقْتَلُ شَهِيدًا
٢٤٤١ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي، قَالَ: فَلَا تُعْطِهِ مَالَك، قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: قَاتِلْهُ قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: فَأَنْتَ شَهِيدٌ، قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَتَلْته؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ، وَفِي لَفْظِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ عَدَا عَلَى مَالِي؟ قَالَ: " أَنْشِدْ اللَّهَ "، قَالَ: فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ قَالَ: " أَنْشِدْ اللَّهَ "، قَالَ: فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ؟ قَالَ: " قَاتِلْ، فَإِنْ قُتِلْتَ فَفِي الْجَنَّةِ وَإِنْ قَتَلْتَ فَفِي النَّارِ " فِيهِ مِنْ الْفِقْهِ أَنَّهُ يُدْفَعُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ) .
٢٤٤٢ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي لَفْظٍ «مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)
ــ
[نيل الأوطار]
بِغَيْرِهَا، وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ
قَوْلُهُ: (ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا) أَيْ: مَضْمُونٌ عَلَى أَهْلِهَا وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ «وَإِنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ» وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَالِكُ الْبَهِيمَةِ مَا جَنَتْهُ بِالنَّهَارِ وَيَضْمَنُ مَا جَنَتْهُ بِاللَّيْلِ، وَهُوَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْهَادَوِيَّةُ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مُطْلَقًا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «جَرْحُهَا جُبَارٌ» وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عُمُومٌ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةُ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: إلَّا أَنَّ تَحْقِيقَ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ إذَا أَرْسَلَهَا مَعَ حَافِظٍ، وَأَمَّا إذَا أَرْسَلَهَا مِنْ دُونِ حَافِظٍ ضَمِنَ انْتَهَى، وَلَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَذَهَبَ اللَّيْثُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَالِكُهَا مَا جَنَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارَا، وَهُوَ إهْدَارٌ لِلدَّلِيلِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهِ، وَيَضْمَنُ مَا أَمْكَنَهُ حِفْظُهُ، وَهُوَ أَيْضًا تَفْصِيلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبياء: ٧٨] فِي قِصَّةِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا يَلْزَمُنَا؛ لِأَنَّ النَّفْشَ إنَّمَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَشُرَيْحٌ وَمَسْرُوقٌ، رَوَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute