للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْوَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بَابُ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ

٢٣٨ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ حَضْرَمَوْتَ: مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي حَدِيثِ صَفْوَانَ فِي الْمَسْحِ «لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» وَسَنَذْكُرُهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

فَجَعَلَ يَقُولُ لِلنَّاسِ بَعْدُ وَأَنَا أَسْمَعُ: اضْرِبُوا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي زُرْعَةَ حَدِيثُ الْوَلِيدِ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ لَمْ يَسْمَعْهُ ثَوْرٌ مِنْ رَجَاءٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ التِّرْمِذِيِّ: إنَّهُ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ ثَوْرٍ غَيْرُ الْوَلِيدِ. قُلْت: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ ثَوْرٍ مِثْلُ الْوَلِيدِ، قَالَ أَبُو دَاوُد: لَمْ يَسْمَعْهُ ثَوْرٌ مِنْ رَجَاءٍ، وَقَدْ وَقَعَ فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ تَصْرِيحُ ثَوْرٍ بِأَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجَاءٌ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ ثَوْرًا سَمِعَهُ مِنْ رَجَاءٍ، فَتَزُولُ الْعِلَّةُ، وَلَكِنْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدٍ الصَّفَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِهِ. فَقَالَ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَجَاءٍ، فَهَذَا اخْتِلَافٌ عَلَى دَاوُد يَمْنَعُ مِنْ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ وَصْلِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ.

وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِمَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.

[أَبْوَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ]

[بَابُ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ]

قَوْلُهُ: (لَا يَقْبَلُ) الْمُرَادُ بِالْقَبُولِ هُنَا وُقُوعُ الطَّاعَةِ مُجْزِئَةً رَافِعَةً لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مَعْنَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا تُرَتِّبُ الْآثَارَ أَوْ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عَلَى الْخِلَافِ. وَتَرَتُّبُ الْآثَارِ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ، وَلَمَّا كَانَ الْإِتْيَانُ بِشُرُوطِ الطَّاعَةِ مَظِنَّةَ إجْزَائِهَا وَكَانَ الْقَبُولُ مِنْ ثَمَرَاتِهِ عَبَّرَ عَنْهُ بِهِ مَجَازًا. فَالْمُرَادُ بِلَا تُقْبَل: لَا تُجْزِئُ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَأَمَّا الْقَبُولُ الْمَنْفِيُّ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ» فَهُوَ الْحَقِيقِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ الْعَمَلُ وَيَتَخَلَّفُ الْقَبُولُ لِمَانِعٍ وَلِهَذَا كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ: لَأَنْ تُقْبَلَ لِي صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ جَمِيعِ الدُّنْيَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧] وَمَنْ فَسَّرَ الْإِجْزَاءَ بِمُطَابَقَةِ الْأَمْرِ وَالْقَبُولَ بِتَرَتُّبِ الثَّوَابِ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ أَخَصُّ مِنْ الصِّحَّةِ، عَلَى هَذَا فَكُلُّ مَقْبُولٍ صَحِيحٌ وَلَيْسَ كُلُّ صَحِيحٍ مَقْبُولًا.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِ الْقَبُولِ مِنْ لَوَازِمِ الصِّحَّةِ، فَإِذَا انْتَفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>