عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
٣٣٣٤ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: ٦٥] ، فَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ ثُمَّ نَزَلَتْ: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: ٦٦] الْآيَةَ، فَكَتَبَ أَنْ لَا تَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد) .
٣٣٣٥ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنْتُ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً، وَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ، فَقُلْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ وَقَدْ فَرَرْنَا مِنْ الزَّحْفِ، وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ، ثُمَّ قُلْنَا لَوْ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فَبِتْنَا، ثُمَّ قُلْنَا لَوْ عَرَضْنَا نُفُوسَنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنْ كَانَتْ لَنَا تَوْبَةٌ، وَإِلَّا ذَهَبْنَا، فَأَتَيْنَاهُ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَخَرَجَ فَقَالَ: مَنْ الْفَرَّارُونَ؟ فَقُلْنَا نَحْنُ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ الْعَكَّارُونَ، أَنَا فِئَتُكُمْ وَفِئَةُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ فَأَتَيْنَاهُ حَتَّى قَبَّلْنَا يَدَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ تَحْرِيمِ الْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ إذَا لَمْ يَزِدْ الْعَدُوُّ عَلَى ضِعْفِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا الْمُتَحَيِّزَ إلَى فِئَةٍ وَإِنْ بَعُدَتْ]
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، انْتَهَى. وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ. قَوْلُهُ: (الْمُوبِقَاتِ) أَيْ الْمُهْلِكَاتِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَبَقَ كَوَعَدَ وَوَجِلَ وَوَرِثَ: هَلَكَ كَاسْتَوْبَقَ وَكَمَجْلِسٍ: الْمَهْلِكُ وَالْمَوْعِدُ وَالْمَجْلِسُ وَوَادٍ فِي جَهَنَّمَ، وَكُلُّ شَيْءٍ حَالَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَأَوْبَقَهُ: حَبَسَهُ وَأَهْلَكَهُ. اهـ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ السَّبْعَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ إيرَادِ الْحَدِيثِ هَهُنَا قَوْلُهُ فِيهِ: " وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ " فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِرَارَ مِنْ الْكَبَائِرِ الْمُحَرَّمَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ الْفِرَارَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفِسْقِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةٌ: وَمَهْمَا حُرِّمَتْ الْهَزِيمَةُ فُسِّقَ الْمُنْهَزِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute