للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَجْرِيدِ الْمَنْكِبَيْنِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا إذَا وَجَدَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَحْدَهَا

٥٢٨ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَلَكِنْ قَالَ: " عَلَى عَاتِقَيْهِ "، وَلِأَحْمَدَ اللَّفْظَانِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

السَّابِعَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَرُوا بِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ اهـ.

وَالرَّفْعُ زِيَادَةٌ لَا يَنْبَغِي إلْغَاؤُهَا كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ أَهْلِ الْأُصُولِ، وَبَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هُوَ لِلْجَمَاعَةِ كُلِّهِمْ بِدُونِ قَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَجَوَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي اللِّبَاسِ الْجَمِيلِ مِنْ كِتَابِ اللِّبَاسِ

وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فَإِنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: «لَا بَأْسَ إذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا» . . . إلَخْ كَمَا فِي التَّلْخِيصِ عَلَى أَنَّ سَتْرَ بَدَنِ الْمَرْأَةِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ تَقْيِيدَ نَفْيِ الْبَأْسِ بِتَغْطِيَةِ الْقَدَمَيْنِ مُشْعِرٌ أَنَّ الْبَأْسَ فِيمَا عَدَاهُ، وَلَيْسَ إلَّا فَسَادُ الصَّلَاةِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْإِشْعَارَ لَوْ سَلِمَ لَمْ يَسْتَلْزِمْ حَصْرَ الْبَأْسِ فِي الْإِفْسَادِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْأَجْرِ الْمُوجِبِ لِنَقْصِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِ كَمَالِهَا مَعَ صِحَّتِهَا بَأْسٌ، وَلَوْ سَلِمَ ذَلِكَ الِاسْتِلْزَامُ فَغَايَتُهُ أَنْ يُفِيدَ الشَّرْطِيَّةَ فِي النِّسَاءِ كَمَا عَرَفْت مِمَّا سَلَفَ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِمَنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْقَدَمَيْنِ مِنْ عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا " يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْعَفْوِ، وَهَكَذَا اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالشَّرْطِيَّةِ بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُرْخِينَ شِبْرًا»

وَقَوْلُهُ «يُرْخِينَهُ ذِرَاعًا» وَهُوَ كَمَا عَرَفْت غَيْرُ صَالِحٍ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ الْمُدَّعَاةِ، وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ.

وَفِيهِ أَيْضًا حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّ قَدَمَيْ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ. قَوْلُهُ: (فِي دِرْعٍ) هُوَ قَمِيصُ الْمَرْأَةِ الَّذِي يُغَطِّي بَدَنَهَا وَرِجْلَيْهَا، وَيُقَالُ لَهُ سَابِغٌ إذَا طَالَ مِنْ فَوْقُ إلَى أَسْفَلُ. قَوْلُهُ: (يُرْخِينَ شِبْرًا) قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشِّبْرِ وَالذِّرَاعِ أَنْ يَكُونُ هَذَا الْقَدْرُ زَائِدًا عَلَى قَمِيصِ الرَّجُلِ لَا أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْأَرْضِ. .

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَجْرِيدِ الْمَنْكِبَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

الْحَدِيثُ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ: (لَا يُصَلِّيَنَّ) فِي لَفْظٍ: " لَا يُصَلِّي " قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: كَذَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>