أَبْوَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ
بَابُ وُجُوبِهِ لِلصَّلَاةِ
٦٥٤ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثٍ يَأْتِي ذِكْرُهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ» .
ــ
[نيل الأوطار]
فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ انْتَهَى
قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: إنَّ الْخُرُوجَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ إذَا كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ طَهَارَةٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ: قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ وَكَأَنَّهُ سَمِعَ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ فَأَطْلَقَ لَفْظَ الْمَعْصِيَةِ عَلَيْهِ.
[أَبْوَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ]
[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِلصَّلَاةِ]
هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ حَدِيثُ الْمُسِيءِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَلُزُومِ الطُّمَأْنِينَةِ وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ شَرْحُهُ هُنَالِكَ، وَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ وَهُوَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فِي حَالَةِ الْعَجْزِ أَوْ فِي الْخَوْفِ عِنْدَ الْتِحَامِ الْقِتَالِ أَوْ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ كَمَا سَيَأْتِي. وَقَدْ دَلَّ عَلَى الْوُجُوبِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ. وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ: إنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ عَرَّفْنَاك فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الْأَوَامِرَ بِمُجَرَّدِهَا لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى الشَّرْطِيَّةِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ
وَلَكِنْ هَهُنَا مَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّرْطِيَّةِ وَهُوَ خَبَرُ السَّرِيَّةِ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بِلَفْظِ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةَ وَصَلَّى كُلُّ رَجُلٍ عَلَى خَيَالِهِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَنَزَلَ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥] » فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ يُؤْثَرُ عَدَمُهُ فِي الْعَدَمِ مَعَ أَنَّ الْهَادَوِيَّةَ يُوَافِقُونَنَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ بَعْدَ الْوَقْتِ وَهُوَ يُنَاقِضُ قَوْلَهُمْ: إنَّ الِاسْتِقْبَالَ شَرْطٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَقَالٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَلَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ تُقَوِّيه: مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ «صَلَّيْنَا لَيْلَةً فِي غَيْمٍ وَخَفِيَتْ عَلَيْنَا الْقِبْلَةُ فَلَمَّا انْصَرَفْنَا نَظَرْنَا فَإِذَا نَحْنُ قَدْ صَلَّيْنَا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَلَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نُعِيدَ» وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ بِنَحْوِ هَذِهِ وَفِيهَا أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَدْ أَجْزَأَتْ صَلَاتُكُمْ» وَلَكِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَطَاءٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ. وَكَذَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute