للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٢٥ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ: خَمْسٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقَةٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ وَيُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْحَيَّةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ مَا يُقْتَلُ مِنْ الدَّوَابِّ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ]

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْرَدَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَسَكَتَ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَفِي إسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ مُدَلِّسٌ.

قَوْلُهُ: (خَمْسُ) ذِكْرُ الْخَمْسِ يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ نَفْيَ هَذَا الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِهَا وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَعَلَى تَقْدِيرِ اعْتِبَارِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلًا ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ الْخَمْسِ تَشْتَرِكُ مَعَهَا فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ فَقَدْ وَرَدَ زِيَادَةُ الْحَيَّةِ وَهِيَ سَادِسَةٌ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ وَزَادَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ السَّبُعَ الْعَادِيَ وَزَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الذِّئْبَ وَالنَّمِرَ فَصَارَتْ تِسْعًا قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَكِنْ أَفَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ الذُّهْلِيُّ أَنَّ ذِكْرَ الذِّئْبِ وَالنَّمِرِ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاوِي لِلْكَلْبِ الْعَقُورِ قَالَ: وَوَقَعَ ذِكْرُ الذِّئْبِ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَالذِّئْبَ» وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ وَبَرَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ الذِّئْبِ لِلْمُحْرِمِ» وَحَجَّاجٌ ضَعِيفٌ وَقَدْ خُولِفَ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

قَوْلُهُ: (خَمْسٌ فَوَاسِقُ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِإِضَافَةِ خَمْسٍ لَا تَنْوِينِهِ وَجَوَّزَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَشَارَ إلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي قَالَ النَّوَوِيُّ: تَسْمِيَتُهُ هَذِهِ الْخَمْسَ فَوَاسِقَ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ جَارِيَةٌ وَفْقَ اللُّغَةِ فَإِنَّ أَصْلَ الْفِسْقِ لُغَةً: الْخُرُوجُ وَمِنْهُ فَسَقَتْ الرُّطَبَةُ إذَا خَرَجَتْ عَنْ قِشْرِهَا فَوُصِفَتْ بِذَلِكَ لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ فِي تَحْرِيمِ قَتْلِهِ أَوْ حِلِّ أَكْلِهِ أَوْ خُرُوجِهَا بِالْإِيذَاءِ وَالْإِفْسَادِ قَوْلُهُ: فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَرَدَ فِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَمَرَ وَعِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ لِيَقْتُلْ الْمُحْرِمُ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَيَحْتَمِلُ النَّدْبَ وَالْإِبَاحَةَ وَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِ الْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْحِدَأَةِ وَهَذَا الْأَمْرُ وَرَدَ بَعْدَ نَهْيِ الْمُحْرِمِ عَنْ الْقَتْلِ، وَفِي الْأَمْرِ الْوَارِدِ بَعْدَ النَّهْيِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ: هَلْ يُفِيدُ الْوُجُوبَ أَوْ لَا؟ وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ أُذِنَ.

وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد قَتْلُهُنَّ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ قَوْلُهُ: (الْغُرَابُ) هَذَا الْإِطْلَاقُ مُقَيَّدٌ بِمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ الْأَبْقَعِ وَهُوَ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ بَيَاضٌ وَلَا عُذْرَ لِمَنْ قَالَ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ مِنْ هَذَا وَقَدْ اعْتَذَرَ ابْنُ بَطَّالٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَبُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>