للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَنْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ غَيْرِ مُزَرَّرٍ تَبْدُو مِنْهُ عَوْرَتُهُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ

٥٣١ - (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَكُونُ فِي الصَّيْدِ وَأُصَلِّي وَلَيْسَ عَلَيَّ إلَّا قَمِيصٌ وَاحِدٌ قَالَ: «فَزُرَّهُ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ إلَّا شَوْكَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

قَوْلُهُ: (فَالْتَحِفْ بِهِ) الِالْتِحَافُ بِالثَّوْبِ: التَّغَطِّي بِهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْقَامُوسِ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَشُدُّ الثَّوْبَ فِي وَسَطِهِ فَيُصَلِّي مَكْشُوفَ الْمَنْكِبَيْنِ بَلْ يَتَّزِرُ بِهِ وَيَرْفَعُ طَرَفَيْهِ فَيَلْتَحِفُ بِهِمَا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ، هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ ضَيِّقًا جَازَ الِاتِّزَارُ بِهِ مِنْ دُونَ كَرَاهَةٍ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حَزْمٍ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، فَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ طَرْحِ الثَّوْبِ عَلَى الْعَاتِقِ وَالْمُخَالَفَةُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الثَّوْبِ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ تَرْكٌ لِلْعَمَلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَتَعْسِيرٌ مُنَافٍ لِلشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ، إنْ أَمْكَنَ الِاسْتِئْنَاسُ لَهُ بِحَدِيثِ: «إنَّ رِجَالًا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَاقِدِي أُزُرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ، وَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى تَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا» عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

قَوْلُهُ: (فَشُدَّ بِهِ حَقْوَيْك) الْحَقْوُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعُ شَدِّ الْإِزَارِ وَهُوَ الْخَاصِرَةُ ثُمَّ تَوَسَّعُوا فِيهِ حَتَّى سَمُّوا الْإِزَارَ الَّذِي يُشَدُّ عَلَى الْعَوْرَةِ حَقْوًا.

[بَابُ مَنْ صَلَّى فِي قَمِيصِ غَيْرِ مُزَرَّرٍ تَبْدُو مِنْهُ عَوْرَتُهُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالطَّحَاوِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَعَلَّقَهُ. الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَوَصَلَهُ فِي تَارِيخِهِ، وَقَالَ: فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ بَيَّنْت طُرُقَهُ فِي تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ وَلَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَلَمَةَ، زَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ عَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، فَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ بَيْنَ مُوسَى وَسَلَمَةَ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ أَبِي أُوَيْسٍ مِنْ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ، أَوْ يَكُونَ التَّصْرِيحُ فِي رِوَايَةِ عَطَّافٍ، وَهْمَا فَهَذَا وَجْهُ النَّظَرِ فِي إسْنَادِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَمَّا مَنْ صَحَّحَهُ فَاعْتَمَدَ عَلَى رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَجَعَلَ رِوَايَةَ عَطَّافٍ شَاهِدَةً لِاتِّصَالِهَا. وَطَرِيقُ عَطَّافٍ أَخْرَجَهَا أَيْضًا أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْقَطَّانِ إنَّ مُوسَى هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ الْمُضَعَّفُ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>