بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْجِمَاعِ لِعَادِمِ الْمَاءِ
٣٥٧ - (عَنْ «أَبِي ذَرٍّ قَالَ: اجْتَوَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِبِلٍ فَكُنْتُ فِيهَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: هَلَكَ أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: مَا حَالُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَتَعَرَّضُ لِلْجَنَابَةِ وَلَيْسَ قُرْبِي مَاءٌ، فَقَالَ: إنَّ الصَّعِيدَ طَهُورٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْأَثْرَمُ وَهَذَا لَفْظُهُ) .
بَابُ اشْتِرَاطِ دُخُولِ الْوَقْتِ لِلتَّيَمُّمِ
٣٥٨ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَمَسَّحَتْ وَصَلَّيْتُ» .
٣٥٩ - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «جُعِلَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا لِي وَلِأُمَّتِي
ــ
[نيل الأوطار]
بِالْمُتَيَمِّمِ، وَأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْعُمُومَاتِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: وَإِنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، لَعَلَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ "؟ .
[بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْجِمَاعِ لِعَادِمِ الْمَاءِ]
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي قِلَابَةَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَصَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَعَمْرُو بْنِ بُجْدَانَ قَدْ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَغَلِطَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَقَالَ: إنَّهُ مَجْهُولٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ: وَإِرْسَالُهُ أَصَحُّ قَوْلُهُ: (اجْتَوَيْتُ الْمَدِينَةَ) بِالْجِيمِ: أَيْ اسْتَوْخَمْتُهَا وَلَمْ تُوَافِقْ طَبْعِي، وَهُوَ افْتَعَلْتُ مِنْ الْجَوَى وَهُوَ الْمَرَض.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْبَابِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّعِيدَ طَهُورٌ يَجُوز لِمَنْ تَطَهَّرَ بِهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُتَطَهِّرُ بِالْمَاءِ مِنْ صَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ وَدُخُولُ مَسْجِدٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَجِمَاعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّيَمُّمِ لَيْسَ بِمُقَدَّرٍ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ، بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ تَطَاوَلَ الْعَهْدُ بِالْمَاءِ، وَذِكْرُ الْعَشْرَ سِنِينَ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَاءِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا لَمْ يُرَدْ بِهِ التَّقْيِيدُ بَلْ الْمُبَالَغَةُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ فُقْدَانِ الْمَاءِ وَكَثْرَةُ وِجْدَانِهِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَعَدَمُ وِجْدَانِهِ إنَّمَا يَكُونُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ.