للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ جَوَازِ التَّنَفُّلِ جَالِسًا وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ

٩٧٩ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا بَدَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَقُلَ كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ جَالِسًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

٩٨٠ - (وَعَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا حَتَّى كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا، وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

مَثْنَى مَثْنَى، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ

وَحَدِيثُ عَلِيٍّ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مُتَّصِلَةٍ فِي النَّهَارِ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَصِّصَاتِ لِأَحَادِيثِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، وَفِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ.

[بَابُ جَوَازِ التَّنَفُّلِ جَالِسًا وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ]

قَوْله: (لَمَّا بَدَّنَ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بَدَّنَ فَتْح الدَّال الْمُشَدَّدَة تَبْدِينًا إذَا أَسَنَّ، قَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُخَفَّفَةِ فَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى هُنَا، لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَثْرَةُ اللَّحْمِ وَهُوَ خِلَافُ صِفَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: رِوَايَتُنَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ جُمْهُورِهِمْ بَدُنَ بِالضَّمِّ. وَعَنْ الْعُذْرِيِّ بِالتَّشْدِيدِ وَأَرَاهُ إصْلَاحًا، قَالَ: وَلَا يُنْكَرُ اللَّفْظَانِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ» كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.

وَفِي لَفْظٍ " وَلَحُمَ " وَفِي آخَرَ " أَسَنَّ وَكَثُرَ لَحْمُهُ " وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّنَفُّلِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ

٩٨٠ - (وَعَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا حَتَّى كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا، وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) . قَوْلُهُ: (سُبْحَته) بِضَمِّ السِّين الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ نَافِلَته وَالْحَدِيثُ يَدُلّ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ قُعُودٍ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ

وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَرْتِيلِ الْقِرَاءَةِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا أَنَّ مُدَّةَ قِرَاءَتِهِ لَهَا أَطْوَلُ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةٍ أُخْرَى أَطْوَلَ مِنْهَا إذَا قُرِئَتْ غَيْرَ مُرَتَّلَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ السُّورَةُ نَفْسُهَا أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالتَّرْتِيلِ وَالْإِسْرَاعِ، وَالتَّقْيِيدُ قَبْلَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَامٍ لَا يُنَافِي قَوْلَ عَائِشَةَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. فَلَمَّا بَدَّنَ وَثَقُلَ كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ جَالِسًا. لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَّنَ وَثَقُلَ قَبْل مَوْتِهِ بِمِقْدَارِ عَامٍ

وَكَذَلِكَ لَا يُنَافِي حَدِيثهَا الْآتِي أَنَّهُ صَلَّى قَاعِدًا حِينَ أَسَنَّ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ صَلَّى جَالِسًا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَامٍ فَلَا تَنَافِيَ أَيْضًا، لِأَنَّ حَفْصَةَ إنَّمَا نَفَتْ رُؤْيَتَهَا لَا وُقُوعَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>