أُرِيدُ التَّزْوِيجَ وَلَوَدِدْت أَنَّهُ تَيَسَّرَ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
٢٦٣٩ - (وَعَنْ سُكَيْنَةَ بِنْتِ حَنْظَلَةَ قَالَتْ: «اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتِي مِنْ مَهْلَكَةِ زَوْجِي، فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتِ قَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَرَابَتِي مِنْ عَلِيٍّ، وَمَوْضِعِي مِنْ الْعَرَبِ، قُلْت: غَفَرَ اللَّهُ لَك يَا أَبَا جَعْفَرٍ إنَّكَ رَجُلٌ يُؤْخَذُ عَنْكَ وَتَخْطُبُنِي فِي عِدَّتِي، فَقَالَ: إنَّمَا أَخْبَرْتُكِ بِقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ عَلِيٍّ وَقَدْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ مُتَأَيِّمَةٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْتِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَمَوْضِعِي مِنْ قَوْمِي كَانَتْ تِلْكَ خِطْبَتَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ]
حَدِيثُ سُكَيْنَةَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ عَنْهَا وَهِيَ عَمَّتُهُ، وَمُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ هُوَ الْبَاقِرُ وَلَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (لَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ
قَوْلُهُ: (مُعَاوِيَةُ) اُخْتُلِفَ فِيهِ؛ فَقِيلَ: هُوَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَقِيلَ غَيْرُهُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ هُوَ قَوْلُهُ: (فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ) فِي رِوَايَةٍ " لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ " وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ ضَرْبِهِ لِلنِّسَاءِ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ قَوْلُهُ: (فَاغْتَبَطْتُ) الْغِبْطَةُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ: حُسْنُ الْحَالِ وَالْمَسَرَّةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قَوْلُهُ: (يَقُولُ: إنِّي أُرِيدَ التَّزْوِيجَ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلتَّعْرِيضِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: التَّعْرِيضُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُتَكَلِّمُ شَيْئًا يَدُلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَذْكُرْهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَا يُخْرِجُ الْمَجَازَ وَأَجَابَ سَعْدُ الدِّينِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيفَ ثُمَّ حَقَّقَ التَّعْرِيضَ بِأَنَّهُ ذِكْرُ شَيْءٍ مَقْصُودٍ بِلَفْظٍ حَقِيقِيٍّ أَوْ مَجَازِيٍّ أَوْ كِنَائِيٍّ لِيَدُلَّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ أَنْ يُذْكَرَ الْمَجِيءُ لِلتَّسْلِيمِ وَمُرَادُهُ التَّقَاضِي، فَالسَّلَامُ مَقْصُودٌ وَالتَّقَاضِي عَرْضٌ: أَيْ أُمِيلَ إلَيْهِ الْكَلَامُ عَنْ عَرْضٍ أَيْ جَانِبٍ، وَامْتَازَ عَنْ الْكِنَايَةِ فَلَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى جَمِيعِ أَقْسَامِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ وَيَفْتَرِقَانِ، فَمِثْلُ: جِئْت لِأُسَلِّمَ عَلَيْك، كِنَايَةٌ وَتَعْرِيضٌ وَمِثْلُ: طَوِيلُ النِّجَادِ، كِنَايَةٌ لَا تَعْرِيضٌ، وَمِثْلُ: آذَيْتَنِي فَسَتَعْرِفُ، خِطَابًا لِغَيْرِ الْمُؤْذِي، تَعْرِيضٌ بِتَهْدِيدِ الْمُؤْذِي لَا كِنَايَةٌ، وَقَدْ قِيلَ فِي تَفْسِيرِ التَّعْرِيضِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ: أَنْ يَقُولَ لَهَا: إنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ التَّصْرِيحُ بِالرَّغْبَةِ التَّصْرِيحَ بِالْخِطْبَةِ وَمِنْ التَّعْرِيضِ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: «لَا تَفُوتِينَا بِنَفْسِكِ» وَمِنْهُ الْبَاقِرُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمِّ سَلَمَةَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute