عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: «اخْتَلَفَتْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَا يَعْرِفُونَهُ فَقَتَلُوهُ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدِيَهُ فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
٣٠٧٣ - (وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «كَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ الْيَمَانُ شَيْخًا كَبِيرًا، فَرُفِعَ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَخَرَجَ يَتَعَرَّضُ لِلشَّهَادَةِ فَجَاءَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشْرِكِينَ فَابْتَدَرَهُ الْمُسْلِمُونَ فَتَوَشَّقُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي فَلَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ شَغْلِ الْحَرْبِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدِيَتِهِ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ) .
بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْأَلَةِ الزُّبْيَةِ وَالْقَتْلِ بِالسَّبَبِ
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَنْ قَتَلَ فِي الْمُعْتَرَك مَنْ يَظُنُّهُ كَافِرًا فَبَانَ مُسْلِمًا مِنْ أَهْل دَارِ الْإِسْلَامِ]
حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَأَصْلُ الْحَدِيثَيْنِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ فَصَاحَ إبْلِيسُ أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي، قَالَتْ: فَوَاَللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، قَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاَللَّهِ» .
قَدْ أَخْرَجَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ فِي السِّيرَةِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «أَخْطَأَ الْمُسْلِمُونَ بِأَبِي حُذَيْفَة يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى قَتَلُوهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَبَلَغَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ» .
وَأَخْرَجَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ «أَنَّ وَالِدَ حُذَيْفَةَ قُتِلَ يَوْمَ أَحَدٍ قَتَلَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعَ إرْسَالِهِ انْتَهَى
وَهَذَانِ الْمُرْسَلَانِ يُقَوِّيَانِ مُرْسَلَ عُرْوَةَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ فِي دَفْعِ أَصْلِ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عُرْوَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْصُل مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مُجَرَّدُ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ، وَمُرْسَلُ الزُّهْرِيِّ وَعِكْرِمَةَ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ. وَحَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْمَذْكُورُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُذَيْفَةَ تَصَدَّقَ بِدِيَةِ أَبِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَعَارُض بَيْنَهُ وَبَيْنَ تِلْكَ الْمُرْسَلَاتِ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهَا أَنَّهُ وَقَعَ الْقَضَاءُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدِّيَةِ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ الدَّفْعُ لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَيْسَ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute