أَبْوَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بَابُ وُجُوبِهَا وَالْحَثِّ عَلَيْهَا
١٠٢٩ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ أَقَمْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَأَمَرْتُ فِتْيَانِي يُحَرِّقُونَ مَا فِي الْبُيُوتِ بِالنَّارِ» .
ــ
[نيل الأوطار]
يُقَالُ: إنَّ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ، يَعْنِي حَدِيثَ عِمْرَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْمُغِيرَةِ بِاجْتِمَاعِهَا تَرْتَقِي إلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ.
قَالَ الْعَلَائِيُّ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَعِيدٍ، قَدْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّشَهُّدِ الْمَذْكُورِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ هُوَ التَّشَهُّدُ الْمَعْهُودُ فِي الصَّلَاةِ لَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ الشَّهَادَتَانِ فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ وُجْدَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَعْضِ مِنْ التَّشَهُّدِ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ مُطْلَقُ التَّشَهُّدِ. .
[أَبْوَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]
[بَابُ وُجُوبِهَا وَالْحَثِّ عَلَيْهَا]
الْحَدِيثُ الثَّانِي فِي إسْنَادِهِ أَبُو مَعْشَرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْله: (أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ) فِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا ثَقِيلَةٌ عَلَى الْمُنَافِقِينَ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى} [التوبة: ٥٤] وَإِنَّمَا كَانَ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ أَثْقَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِمَا لِقُوَّةِ الدَّاعِي إلَى تَرْكِهِمْ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِشَاءَ وَقْتَ السُّكُونِ وَالرَّاحَةِ، وَالصُّبْحَ وَقْتَ لَذَّةِ النَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا) أَيْ مِنْ مَزِيدِ الْفَضْلِ.
قَوْلُهُ: (لَأَتَوْهُمَا) أَيْ لَأَتَوْا الْمَحَلَّ الَّذِي يُصَلِّيَانِ فِيهِ جَمَاعَةً وَهُوَ الْمَسْجِدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَبْوًا) أَيْ زَحْفًا إذَا مَنَعَهُمْ مَانِعٌ مِنْ الْمَشْيِ كَمَا يَزْحَفُ الصَّغِيرُ، وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الْمَرَافِقِ وَالرُّكَبِ» . قَوْلُهُ: (وَلَقَدْ هَمَمْتُ) اللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ: " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ "، وَالْهَمُّ: الْعَزْمُ، وَقِيلَ: دُونَهُ.
قَوْلُهُ: (فَأُحَرِّقَ) بِالتَّشْدِيدِ، يُقَال: حَرَّقَهُ: إذَا بَالَغَ فِي تَحْرِيقِهِ.
وَفِيهِ جَوَازُ الْعُقُوبَةِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ. وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمْ يُهَدَّدْ تَارِكُهَا بِالتَّحْرِيقِ،