للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، قَالَ: فَلَا تَفْعَلَا إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» ) رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُ، فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ» .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الرُّخْصَةِ فِي إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي كُلِّ وَقْتٍ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ أَخْرَجُوهُ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْأَسْوَد عَنْ أَبِيهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: إسْنَادُهُ مَجْهُولٌ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لِأَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْأَسْوَدِ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرُ ابْنِهِ، وَلَا لِابْنِهِ جَابِرٍ رَاوٍ غَيْرِ يَعْلَى. قَالَ الْحَافِظُ: يَعْلَى مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَجَابِرٍ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ وَجَدْنَا لِجَابِرِ بْنِ يَزِيدَ رَاوِيًا غَيْرَ يَعْلَى، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرٍ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: «كَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ وَفِيهِ فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ» . وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِنَحْوِهِ. وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ. وَعَنْ مِحْجَنٍ الدَّيْلَمِيِّ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ.

وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَقَالَ: يُصَلِّي أَحَدُنَا فِي مَنْزِلِهِ الصَّلَاةَ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ وَتُقَامُ الصَّلَاةُ فَأُصَلِّي مَعَهُمْ فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَذَلِكَ لَهُ سَهْمُ جَمْعٍ» وَفِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ قَوْلُهُ: (تُرْعَدُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ: أَيْ تَتَحَرَّكُ، كَذَا قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ قَوْلُهُ: (فَرَائِصُهُمَا) جَمْعُ فَرِيصَةٍ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ اللَّحْمَةُ مِنْ الْجَنْبِ وَالْكَتِفِ الَّتِي لَا تَزَال تُرْعَدُ: أَيْ تَتَحَرَّك مِنْ الدَّابَّةِ وَاسْتُعِيرَ لِلْإِنْسَانِ لِأَنَّ لَهُ فَرِيصَةً وَهِيَ تَرْجُفُ عِنْدَ الْخَوْفِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْفَرِيصَةُ: لَحْمَةٌ بَيْنَ الْكَتِفِ وَالْجَنْبِ. وَسَبَبُ ارْتِعَادِ فَرَائِصِهِمَا مَا اجْتَمَعَ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْهَيْبَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْحُرْمَةِ الْجَسِيمَةِ لِكُلِّ مَنْ رَآهُ مَعَ كَثْرَةِ تَوَاضُعِهِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد «إذَا صَلَّى أَحَدكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلْيُصَلِّ مَعَهُ» وَلَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ «إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَدْرَكْتُمَا الصَّلَاةَ فَصَلِّيَا» قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ نَافِلَةٌ.

وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إنَّمَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ فِي جَمَاعَةِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ. وَأَمَّا مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ فَلَا يُعِيدُ فِي أُخْرَى قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَلَوْ أَعَادَ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى لَأَعَادَ فِي ثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَهَذَا لَا يَخْفَى فَسَادُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>