للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ حُجَّةِ مَنْ رَأَى فَرْضَ الْبَعِيدِ إصَابَةَ الْجِهَةِ لَا الْعَيْنِ

٦٥٧ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ: «وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غُرِّبُوا» . يُعَضِّدُ ذَلِكَ) .

ــ

[نيل الأوطار]

بِذَلِكَ نَصٌّ سَابِقٌ

وَمِنْهَا جَوَازُ تَعْلِيمِ مَنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَنْ هُوَ فِيهَا

وَمِنْهَا جَوَازُ نَسْخِ الثَّابِتِ بِطَرِيقِ الْعِلْمِ وَالْقَطْعُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْكِرْ عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ عَمَلَهُمْ خَبَرِ الْوَاحِدِ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ اُحْتُفَّ بِالْقَرَائِنِ وَالْمُقَدِّمَاتِ الَّتِي أَفَادَتْ الْقَطْعَ لِكَوْنِهِ فِي زَمَنِ تَقَلُّبِ وَجْهِهِ فِي السَّمَاءِ لِيُحَوَّلَ إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ عَرَفَتْ مِنْهُ الْأَنْصَارُ ذَلِكَ بِمُلَازَمَتِهِمْ لَهُ فَكَانُوا يَتَوَقَّعُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَلَمَّا فَجَأَهُمْ الْخَبَرُ عَنْ ذَلِكَ أَفَادَهُمْ الْعِلْمُ لِمَا كَانُوا يَتَوَقَّعُونَ حُدُوثَهُ. وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَجْوِبَةٍ أُخَرَ: مِنْهَا أَنَّ النَّسْخَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَانَ جَائِزًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَعْدَهُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَيُحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ. وَمِنْهَا أَنَّهُ تَلَا عَلَيْهِمْ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ النَّسْخِ بِالْقُرْآنِ وَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِإِطَالَتِهِ وَإِيجَازِهِ وَأَعْرَفَهُمْ بِوُجُوهِ إعْجَازِهِ

وَمِنْهَا أَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَقْطُوعٌ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّ النَّسْخَ لِلْمَقْطُوعِ بِالْمَظْنُونِ كَنَسْخِ نَصِّ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ جَائِزٌ عَقْلًا وَوَاقِعٌ سَمْعًا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَمَانِهِ، وَلَكِنْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِهِ بَعْدَ الرَّسُولِ فَلَا مُخَالِفَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَجْوِيزِهِ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى. وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ: وَهُوَ حُحَّةٌ فِي قَبُولِ أَخْبَارِ الْآحَادِ انْتَهَى، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الَّذِينَ بُلِّغَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ رَوَى الطَّبَرَانِيِّ فِي آخِرِ حَدِيثِ تَوِيلَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِيهِمْ «أُولَئِكَ رِجَالٌ آمَنُوا بِالْغَيْبِ»

[بَابُ حُجَّةِ مَنْ رَأَى فَرْضَ الْبَعِيدِ فِي الْقِبْلَةِ إصَابَةَ الْجِهَةِ لَا الْعَيْنِ]

الْحَدِيثُ الْأَوَّلَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ، وَقَدْ تَابَعَ أَبَا مَعْشَرٍ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ قَاضِي حَلَبَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ. قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ يَرْوِيه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ وَأَبِي مَعْشَرٍ، وَهُوَ بِأَبِي مَعْشَرٍ أَشْهَرُ مِنْهُ بِعَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ. قَالَ: وَلَعَلَّ عَلِيَّ بْنَ ظَبْيَانَ سَرَقَهُ مِنْهُ، وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَوْلُ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ. وَأَبُو جَعْفَرٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>