وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرَيْشًا فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ، فَقَالَ: يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ: أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ؛ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنْ النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبِلُّهَا بِبِلَالِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَنْ وَقَفَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى أَقْرِبَائِهِ أَوْ وَصَّى لَهُمْ مَنْ يَدْخُلُ فِيهِ]
قَوْلُهُ (: بَيْرَحَاءَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ، وَجَاءَ فِي ضَبْطِهِ أَوْجُهٌ كَثِيرَةٌ جَمَعَهَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ: وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَبِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، فَهَذِهِ ثَمَانُ لُغَاتٍ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ " بَرِيحَا " بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى التَّحْتَانِيَّةِ وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَرَجَّحَ هَذِهِ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَقَالَ: هِيَ وَزْنُ فَعِيلَةَ مِنْ الْبَرَاحِ: وَهِيَ الْأَرْضُ الظَّاهِرَةُ الْمُنْكَشِفَةُ
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد " بَارِيحَا " وَهِيَ بِإِشْبَاعِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ، وَوَهِمَ مَنْ ضَبَطَهُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ، فَإِنَّ أَرِيحَا مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ قَالَ الْبَاجِيَّ: أَفْصَحُهَا بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَقْصُورًا، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الصَّغَانِيُّ وَقَالَ الْبَاجِيَّ أَيْضًا: أَدْرَكْت أَهْلَ الْعِلْمِ وَمِنْهُمْ أَبُو ذَرٍّ يَفْتَحُونَ الرَّاءَ فِي كُلِّ حَالٍ قَالَ الصُّورِيُّ: وَكَذَا الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ
قَوْلُهُ: (بَخٍ بَخٍ) كِلَاهُمَا بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَدْ يُنَوَّنُ مَعَ التَّثْقِيلِ أَوْ التَّخْفِيفِ بِالْكَسْرِ وَبِالرَّفْعِ لُغَاتٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِذَا كَرَّرْت فَالِاخْتِيَارُ أَنْ تُنَوَّنَ الْأُولَى وَتُسَكَّنَ الثَّانِيَةُ وَقَدْ يُسَكَّنَانِ جَمِيعًا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
بَخٍ بَخٍ لِوَالِدِهِ وَلِلْمَوْلُودِ
وَمَعْنَاهُمَا تَفْخِيمُ الْأَمْرِ وَالْإِعْجَابُ بِهِ قَوْلُهُ: (رَابِحٌ) شَكَّ الْقَعْنَبِيَّ هَلْ هُوَ بِالتَّحْتَانِيَّةِ أَوْ بِالْمُوَحَّدَةِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ بِالشَّكِّ قَوْلُهُ: (فِي الْأَقْرَبِينَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَقَارِبِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ
الْقَرَابَةُ: كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَلَكِنْ يَبْدَأُ بِقَرَابَةِ الْأَبِ قَبْلِ الْأُمِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ جَمَعَهُمْ أَبٌ مُنْذُ الْهِجْرَةِ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، زَادَ زُفَرُ: وَيُقَدَّمُ مَنْ قَرُبَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَقَلُّ مَنْ يُدْفَعُ لَهُ ثَلَاثَةٌ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ اثْنَانِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَاحِدٌ، وَلَا يُصْرَفُ لِلْأَغْنِيَاءِ عِنْدَهُمْ إلَّا إنْ شَرَطَ ذَلِكَ.
وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: الْقَرِيبُ مَنْ اجْتَمَعَ فِي النَّسَبِ سَوَاءٌ قَرُبَ أَمْ بَعُدَ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute