للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ خُطْبَةِ الْعِيدِ وَأَحْكَامِهَا

١٢٩٤ - (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إلَى الْمُصَلَّى، وَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

التِّرْمِذِيِّ، وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ جَارٍ عَلَى مُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ فَلَيْسَ فِي الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ مُطْلَقِ النَّفْلِ وَلَا عَلَى مَنْعِ مَا وَرَدَ فِيهِ دَلِيلٌ يَخُصُّهُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إلَى مِثْلِ هَذَا فِي بَابِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ نَعَمْ فِي التَّلْخِيصِ مَا لَفْظُهُ: وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: «لَا صَلَاةَ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» فَإِنْ صَحَّ هَذَا كَانَ دَلِيلًا عَلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ فِي قُوَّةِ النَّهْيِ، وَقَدْ سَكَتَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ فَيُنْظَرُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ) الْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ جِنْسُ النِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (تَصَدَّقَ بِخُرْصِهَا) هُوَ الْحَلْقَةُ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْحُلِيِّ.

وَفِي الْقَامُوسِ: الْخُرْصِ بِالضَّمِّ وَيُكْسَرُ: حَلْقَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ حَلْقَةُ الْقُرْطِ أَوْ الْحَلْقَةُ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْحُلِيِّ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (وَسِخَابِهَا) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ: وَهُوَ خَيْطٌ تُنْظَمُ فِيهِ الْخَرَزَاتُ.

وَفِي الْقَامُوسِ: إنَّ السِّخَابَ كَكِتَابٍ: قِلَادَةٌ مِنْ سَكٍّ وَقُرُنْفُلٍ وَمِحْلَبٌ بِلَا جَوَاهِرَ انْتَهَى. وَلِهَذَا الْحَدِيثِ أَلْفَاظٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ وَعْظِ النِّسَاءِ وَتَعْلِيمِهِنَّ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَتَذْكِيرِهِنَّ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ، وَاسْتِحْبَابُ حَثِّهِنَّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَتَخْصِيصِهِنَّ بِذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ مُنْفَرِدٍ.

[بَاب خُطْبَة الْعِيد وَأَحْكَامهَا]

قَوْلُهُ: (إلَى الْمُصَلَّى) هُوَ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَابِ الْمَسْجِدِ أَلْفِ ذِرَاع، قَالَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ عَنْ أَبِي غَسَّانَ الْكَتَّانِيِّ صَاحِبِ مَالِكٍ.

قَوْلُهُ: (وَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ «فَيَنْصَرِفُ إلَى النَّاسِ قَائِمًا فِي مُصَلَّاهُ» وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ فِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ «خَطَبَ يَوْمَ عِيدٍ عَلَى رِجْلَيْهِ» قَوْلُهُ: (فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْوَعْظِ وَالتَّوْصِيَةِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا) أَيْ يُخْرِجَ طَائِفَةً مِنْ الْجَيْشِ إلَى جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُصَلَّى فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْبَرٌ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: «فَلَمْ تَزَلْ النَّاسُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>