. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا. وَرَوَى ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَبُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي بَرْزَةِ.
قَالَ: وَبِهِ قَالَ مِنْ التَّابِعِينَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَخُوهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَصَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلْقَمَةُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَمَكْحُولٌ وَأَبُو بُرْدَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. قَالَ: وَأَمَّا أَقْوَالُ التَّابِعِينَ فَرَوَاهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَبَعْضُهَا فِي الْمَعْرِفَةِ لِلْبَيْهَقِيِّ. انْتَهَى.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ دَعْوَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: الْكُوفِيُّونَ يُصَلُّونَ بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا، وَالْبَصْرِيُّونَ يُصَلُّونَ قَبْلَهَا لَا بَعْدَهَا، وَالْمَدَنِيُّونَ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَبِالثَّالِثِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَأَحْمَدُ. وَأَمَّا مَالِكٌ فَمَنَعَهُ فِي الْمُصَلَّى، وَعَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى.
وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ أَحَادِيثَ الْبَابِ عَلَى الْإِمَامِ قَالَ: فَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَمُخَالِفٌ لَهُ فِي ذَلِكَ، نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ: لَا كَرَاهَةَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا.
قَالَ الْحَافِظُ: إنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْمَأْمُومِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ.
وَقَدْ أَجَابَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا: جَوَابُ الشَّافِعِيِّ الْمُتَقَدِّمُ. وَمِنْهَا: مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَهْيٌ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَأَخَّرُ فِي مَجِيئِهِ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُصَلِّي بِهِمْ فِيهِ وَيَرْجِعُ عَقِبَ الْخُطْبَةِ رَوَى عَنْهُ مَنْ رَوَى مِنْ أَصْحَابِهِ: أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ لِذَلِكَ - لِاشْتِغَالِهِ بِمَا هُوَ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّهِ مِنْ التَّأَخُّرِ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ - أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُشْرَعُ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي الضُّحَى وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى سُنَّةَ الْجُمُعَةِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُؤَذَّنُ لِلْجُمُعَةِ بَيْنِ يَدَيْهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يَوْمُ الْعِيدِ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ وَالصَّلَاةُ مُبَاحَةٌ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ حَيْثُ كَانَ الْمُصَلِّي، وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ وَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ» رَوَاهُ ابْن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَمْ تَثْبُتْ لَهَا سُنَّةٌ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا خِلَافًا لِمَنْ قَاسَهَا عَلَى الْجُمُعَةِ.
وَأَمَّا مُطْلَقُ النَّفْلِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَنْعٌ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ. انْتَهَى. وَكَذَلِكَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ