للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ سُنَنِ الْفِطْرَةِ

١٢٨ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: الِاسْتِحْدَادُ، وَالْخِتَانُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ)

ــ

[نيل الأوطار]

عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبِهِ احْتَجَّ مَنْ كَرِهَ السِّوَاكَ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ اهـ.

[بَابُ سُنَنِ الْفِطْرَةِ]

قَوْلُهُ: (خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ السِّوَاكِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ) فِي حَدِيث الْبَابِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إذَا فُعِلَتْ اتَّصَفَ فَاعِلُهَا بِالْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَيْهَا وَحَثَّهُمْ عَلَيْهَا وَاسْتَحَبَّهَا لَهُمْ لِيَكُونُوا عَلَى أَكْمَلِ الصِّفَاتِ وَأَشْرَفِهَا صُورَةً. وَقَدْ رَدَّ الْبَيْضَاوِيُّ الْفِطْرَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ إلَى مَجْمُوعِ مَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا الْأَنْبِيَاءُ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ فَكَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٍّ يَنْطَوُونَ عَلَيْهَا، وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِالنَّكِرَةِ فِي قَوْلُهُ: خَمْسٌ أَنَّهُ صِفَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ خِصَالٌ خَمْسٌ ثُمَّ فَسَّرَهَا أَوْ عَلَى الْإِضَافَةِ: أَيْ خَمْسُ خِصَالٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ الَّذِي شُرِعَ لَكُمْ خَمْسٌ.

قَوْلُهُ: (الِاسْتِحْدَادُ) هُوَ حَلْقُ الْعَانَةِ سُمِّيَ اسْتِحْدَادًا لِاسْتِعْمَالِ الْحَدِيدَةِ وَهِيَ الْمُوسَى وَهُوَ سُنَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَيَكُونُ بِالْحَلْقِ وَالْقَصِّ وَالنَّتْفِ وَالنُّورَةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْأَفْضَلُ الْحَلْقُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَانَةِ الشَّعْرُ فَوْقَ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَحَوَالَيْهِ، وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ الَّذِي حَوْلَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ حَوْلَ حَلْقَةِ الدُّبُرِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذَا اسْتِحْبَابُ حَلْقِ جَمِيعِ مَا عَلَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَحَوْلَهُمَا انْتَهَى. وَأَقُولُ: الِاسْتِحْدَادُ إنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ حَلْقُ الْعَانَةِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فَلَا دَلِيلَ عَلَى سُنِّيَّةِ حَلْقِ الشَّعْرِ النَّابِتِ حَوْلَ الدُّبُرِ، وَإِنْ كَانَ الِاحْتِلَاقُ بِالْحَدِيدِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ حَلْقِ الْعَانَةِ، وَلَكِنَّهُ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بَدَلَ الِاسْتِحْدَادِ فِي حَدِيثِ (عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: حَلْقُ الْعَانَةِ) فَيَكُونُ مُبَيِّنًا لِإِطْلَاقِ الِاسْتِحْدَادِ فِي حَدِيثِ: (خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ) فَلَا يَتِمُّ دَعْوَى سُنِّيَّةِ حَلْقِ شَعْرِ الدُّبُرِ أَوْ اسْتِحْبَابِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلَمْ نَقِفْ عَلَى حَلْقِ شَعْرِ الدُّبُرِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مِنْ فِعْلِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْخِتَانُ) اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا. وَالْخِتَانُ: قَطْعُ جَمِيعِ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى يَنْكَشِفَ جَمِيعُ الْحَشَفَةِ، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>