بَابُ قِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَقِرَاءَةِ بَعْضِ سُورَةٍ وَتَنْكِيسِ السُّوَرِ فِي تَرْتِيبِهَا وَجَوَازِ تَكْرِيرِهَا
٧١٠ - (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ فَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ بِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا فَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَلَمَّا أَتَاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَالَ: إنِّي أُحِبُّهَا قَالَ: حُبُّكَ إيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا) .
ــ
[نيل الأوطار]
رَكْعَةٍ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ السِّيَاقُ. وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّخْفِيفِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَجَعْلِهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى هَذَا الْحَدِيثَ بِدُونِ قَوْلِهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَفْظُهُ «فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ» ، فَيَنْبَغِي حَمْلُ الْمُطْلَقِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَوْلِهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وَالْحِكْمَةُ فِي إطَالَةِ الظُّهْرِ أَنَّهَا فِي وَقْتِ غَفْلَةٍ بِالنَّوْمِ فِي الْقَائِلَةِ فَطُوِّلَتْ لِيُدْرِكَهَا الْمُتَأَخِّرُ وَالْعَصْرُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ تُفْعَلُ فِي وَقْتِ تَعَبِ أَهْلِ الْأَعْمَالِ فَخُفِّفَتْ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطَوِّلُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ تَطْوِيلًا زَائِدًا عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ كَمَا فِي حَدِيثِ «إنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ كَانَتْ تُقَامُ وَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْبَقِيعِ فَيَقْضِي حَاجَتَهُ ثُمَّ يَأْتِي أَهْلَهُ فَيَتَوَضَّأُ وَيُدْرِكُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِمَّا يُطِيلُهَا» .
[بَابُ قِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ]
الْحَدِيثُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ. قَوْلُهُ: (كَانَ رَجُلٌ) هُوَ كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ ذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ. وَقِيلَ: قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَقِيلَ: مَكْتُومُ بْنُ هِدْمٍ، وَقِيلَ: كُرْزُ بْنُ هِدْمٍ. قَوْلُهُ: (افْتَتَحَ بِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ لَا يُشْتَرَطُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَذْكُرْ الْفَاتِحَةَ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فَيَكُونُ مَعْنَاهُ افْتَتَحَ سُورَةً بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ وُرُودِ الدَّلِيلِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُهُ: (فَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) لَفْظُ الْبُخَارِيِّ «فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا إنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ لَا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأَ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا إنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ وَإِنْ كَرِهْتُمْ ذَلِكَ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ فَلَمَّا أَتَاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: يَا فُلَانٌ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute