عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ قَالَ: وَلَحِقَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا لِي وَضَرَبَهُ فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ فَقَالَ: بِعْنِيهِ فَقُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَالَ: بِعْنِيهِ فَبِعْتُهُ وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إلَى أَهْلِي.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ: وَشَرَطْتُ ظَهْرَهُ إلَى الْمَدِينَةِ)
بَابُ النَّهْيِ عَنْ جَمْعِ شَرْطَيْنِ مِنْ ذَلِكَ
٢٢٢٤ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ.» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ
ــ
[نيل الأوطار]
[أَبْوَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ] [بَابُ اشْتِرَاطِ مَنْفَعَةِ الْمَبِيعِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا]
قَوْلُهُ: (أَعْيَا) الْإِعْيَاءُ التَّعَبُ وَالْعَجَزُ عَنْ السَّيْرِ. قَوْلُهُ: (بِعْنِيهِ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا (بِوَقِيَّةٍ) وَفِي أُخْرَى بِخَمْسِ أَوَاقٍ وَفِي أُخْرَى أَيْضًا بِأُوقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَفِي بَعْضِهَا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَفِي بَعْضِهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا، وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِمَا لَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ، وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ طَلَبِ الْبَيْعِ مِنْ الْمَالِكِ قَبْلَ عَرْضِ الْمَبِيعِ لِلْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (حُمْلَانَهُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُرَادُ: الْحِمْلُ عَلَيْهِ، وَتَمَامُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ «فَلَمَّا بَلَغْتُ أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ فَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ ثُمَّ رَجَعْتُ، فَأَرْسَلَ فِي إثْرِي فَقَالَ: أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لِأَخْذِ جَمَلِكَ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ فَهُوَ لَكَ» وَلِلْحَدِيثِ أَلْفَاظٌ فِيهَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَفِي بَعْضِهَا طُولٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ الرُّكُوبِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَجَوَّزَهُ مَالِكٌ إذَا كَانَتْ مَسَافَةُ السَّفَرِ قَرِيبَةً وَحَدَّهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ سَوَاءٌ قَلَّتْ الْمَسَافَةُ أَوْ كَثُرَتْ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ الثُّنْيَا، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ قِصَّةُ عَيْنٍ تَدْخُلُهَا الِاحْتِمَالَاتُ وَيُجَابُ بِأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَقَالِ هُوَ أَعَمُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ مُطْلَقًا فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ. وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ الثُّنْيَا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يُعْلَمَ وَلِلْحَدِيثِ فَوَائِدُ مَبْسُوطَةٌ فِي مُطَوَّلَاتِ شُرُوحِ الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute