بَابُ سِمَةِ الْإِمَامِ الْمَوَاشِيَ إذَا تَنَوَّعَتْ عِنْدَهُ
١٥٨٠ - (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «غَدَوْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ» . أَخْرَجَاهُ وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ: دَخَلْت عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَسِمُ غَنَمًا فِي آذَانِهَا) .
١٥٨١ - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: إنَّ فِي الظَّهْرِ نَاقَةً عَمْيَاءَ، فَقَالَ: أَمِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، أَوْ مِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ؟ قَالَ أَسْلَمُ: مِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ، وَقَالَ: إنَّ عَلَيْهَا مِيسَمَ الْجِزْيَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ)
أَبْوَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكَيْنِ وَالْمَسْأَلَةِ وَالْغَنِيِّ
١٥٨٢ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلَا اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، إنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ، اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ: لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافًا» وَفِي لَفْظِ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ،
ــ
[نيل الأوطار]
هُوَ الَّذِي يَأْتِي لِلصَّدَقَاتِ وَيَأْخُذُهَا عَلَى مِيَاهِ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لَهُمْ.
[بَابُ سِمَةِ الْإِمَامِ الْمَوَاشِيَ إذَا تَنَوَّعَتْ عِنْدَهُ]
. قَوْلُهُ: (الْمِيسَمُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَأَصْلُهُ مُوسَمٌ لِأَنَّ فَاءَهُ وَاوٌ، لَكِنَّهَا لَمَّا سَكَنَتْ وَكُسِرَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ يَاءً، وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُوسَمُ بِهَا: أَيْ يُعَلَّمُ بِهَا وَهُوَ نَظِيرُ الْخَاتَمِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَسْمِ إبِلِ الصَّدَقَةِ، وَيَلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا مِنْ الْأَنْعَامِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَمْيِيزُهَا، وَلِيَرُدَّهَا مَنْ أَخَذَهَا وَمَنْ الْتَقَطَهَا وَلِيَعْرِفَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَشْتَرِيهَا إذَا تُصُدِّقَ بِهَا مَثَلًا لِئَلَّا يَعُودَ فِي صَدَقَتِهِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ بِمَا كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى مِيسَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ نَقَلَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ يُكْتَبُ فِي مِيسَمِ الزَّكَاةِ زَكَاةٌ أَوْ صَدَقَةٌ. وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ الْوَسْمَ بِالْمِيسَمِ لَدُخُولِهِ فِي عُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ. وَحَدِيثُ الْبَابِ يُخَصِّصُ هَذَا الْعُمُومَ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ اعْتِنَاءُ الْإِمَامِ بِأَمْوَالِ الصَّدَقَةِ وَتَوَلِّيهَا بِنَفْسِهِ وَجَوَازُ تَأْخِيرِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهَا لَوْ عُجِّلَتْ لَاسْتُغْنِيَ عَنْ الْوَسْمِ. قَوْلُهُ: (إنَّ عَلَيْهَا مِيسَمَ الْجِزْيَةِ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَسْمَ إبِلِ الْجِزْيَةِ كَانَ يُفْعَلُ فِي أَيَّامِ الصَّحَابَةِ كَمَا كَانَ يُوسَمُ إبِلُ الصَّدَقَةِ.