كِتَابُ الِاعْتِكَافِ
١٧٥٥ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» ) .
١٧٥٦ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَلِمُسْلِمٍ: قَالَ نَافِعٌ: وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) .
١٧٥٧ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ رِوَايَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ)
ــ
[نيل الأوطار]
[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]
. هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِاعْتِكَافِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ مَالِكٌ: فَكَّرْتُ فِي الِاعْتِكَافِ وَتَرْكِ الصَّحَابَةِ لَهُ مَعَ شِدَّةِ اتِّبَاعِهِمْ لِلْأَثَرِ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ كَالْوِصَالِ، وَأُرَاهُمْ تَرَكُوهُ لِشِدَّتِهِ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ اعْتَكَفَ إلَّا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ انْتَهَى. وَمِنْ كَلَامِ مَالِكٍ هَذَا أَخَذَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ جَائِزٌ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ: إنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي مُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد عَنْ أَحْمَدَ: لَا أَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا أَنَّهُ مَسْنُونٌ، وَتَعَقَّبَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَوْلَ مَالِكٍ: إنَّهُ لَمْ يَعْتَكِفْ مِنْ السَّلَفِ إلَّا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَالَ: لَعَلَّهُ أَرَادَ صِفَةً مَخْصُوصَةً وَإِلَّا فَقَدْ حُكِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ اعْتَكَفَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ إلَّا إذَا نَذَرَ بِهِ قَوْلُهُ: (يَعْتَكِفُ) الِاعْتِكَافُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الْحَبْسُ وَاللُّزُومُ وَالْمُكْثُ وَالِاسْتِقَامَةُ وَالِاسْتِدَارَةُ. قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَهُنَّ يَعْكُفْنَ بِهِ إذَا حَجَا ... عَكْفَ النَّبِيطِ يَلْعَبُونَ الْفَنْزَجَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute