بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَادَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقًّا، فَقَالَ: صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِينَ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّونَ عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ، قَالَ فِيهِ: كُنْتُ أَؤُمّهُمْ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ. وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ فِيهِ: وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. وَأَحْمَدُ وَلَمْ يَذْكُرْ سِنَّهُ، وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إلَّا كُنْتُ إمَامَهُمْ إلَى يَوْمِي هَذَا) .
١٠٩٢ - (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ) .
١٠٩٣ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ. رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَا جَاءَ فِي إمَامَةِ الصَّبِيِّ]
عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهِ. قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَفَدَ مَعَ أَبِيهِ. وَأَثَر ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ قَوْلُهُ: (وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَإِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ: الْأَكْثَرُ قُرْآنًا لَا الْأَحْسَنُ قِرَاءَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (فَقَدَّمُونِي) فِيهِ جَوَازُ إمَامَةِ الصَّبِيِّ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» مِنْ الْعُمُومِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ فِيهِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأُجِيبُ بِأَنَّ إمَامَتَهُ بِهِمْ كَانَتْ حَالَ نُزُولِ الْوَحْيِ، وَلَا يَقَعُ حَالُهُ التَّقْرِيرِ لِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى الْخَطَأِ، وَلِذَا اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ: «كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ» وَأَيْضًا الَّذِينَ قَدَّمُوا عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ كَانُوا كُلُّهُمْ صَحَابَةً. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا كَذَا فِي الْفَتْحِ.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى جَوَازِ إمَامَةِ الصَّبِيِّ الْحَسَنُ وَإِسْحَاقُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ يَحْيَى، وَمَنَعَ مِنْ صِحَّتِهَا الْهَادِي وَالنَّاصِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَكَرِهَهَا الشَّعْبِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْمَشْهُورُ عَنْهُمَا الْإِجْزَاءُ فِي النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ حَدِيثَ عَمْرِو الْمَذْكُورَ كَانَ فِي نَافِلَةٍ لَا فَرِيضَةٍ.
وَرُدَّ بِأَنَّ قَوْلَهُ: " صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي كَذَا " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ. وَأَيْضًا قَوْلُهُ: «فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَيُؤَذِّن لَكُمْ أَحَدُكُمْ» لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْفَرِيضَةِ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute