للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَتْ الْبَلْدَةُ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ)

بَابُ اكْتِفَاءِ الْقَارِنِ لِنُسُكَيْهِ بِطَوَافٍ وَاحِدٍ وَسَعْيٍ وَاحِدٍ

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ]

الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ بِأَلْفَاظِهَا الْمَذْكُورَةِ هَاهُنَا مِنْ دُونِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانَ وَلَمْ تَجْرِ لَهُ عَادَةٌ بِمِثْلِ هَذَا وَقَدْ شَرَحْنَاهَا هُنَالِكَ وَذَكَرْنَا مَا فِي الْبَابِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا وَسَنَذْكُرُ هُنَا فَوَائِدَ لَمْ نَتَعَرَّضْ لِذِكْرِهَا هُنَالِكَ تَتَعَلَّقُ بِأَلْفَاظِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَقَوْلُهُ: الْعَضْبَاءِ هِيَ مَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كُلُّ قَطْعٍ فِي الْأُذُنِ جَدْعٌ فَإِنْ جَاوَزَ الرُّبُعَ فَهِيَ عَضْبَاءُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إنَّ الْعَضْبَاءَ الَّتِي قُطِعَ نِصْفُ أُذُنِهَا فَمَا فَوْقَ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: هِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ. قَالَ الْحَرْبِيُّ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَضْبَاءَ اسْمٌ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْأُذُنِ فَقَدْ جُعِلَ اسْمُهَا هَذَا.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْأَضْحَى بِمِنًى) وَهَذِهِ هِيَ الْخُطْبَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَعَلَهَا لِيُعَلِّمَ النَّاسَ بِهَا الْمَبِيتَ وَالرَّمْيَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَوْلُهُ: (فَفُتِحَتْ) بِفَتْحِ الْفَاءِ الْأُولَى وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ بَعْدَهَا أَيْ: اتَّسَعَ سَمْعُ أَسْمَاعِنَا وَقَوِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَارُورَةٌ فُتُحٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالتَّاءِ أَيْ: وَاسِعَةُ الرَّأْسِ قَالَ الْكِسَائِيُّ: لَيْسَ لَهَا صِمَامٌ وَلَا غِلَافٌ وَهَكَذَا صَارَتْ أَسْمَاعُهُمْ لَمَّا سَمِعُوا صَوْتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مِنْ بَرَكَاتِ صَوْتِهِ إذَا سَمِعَهُ الْمُؤْمِنُ قَوِيَ سَمْعُهُ وَاتَّسَعَ مَسْلَكُهُ حَتَّى صَارَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ وَيَسْمَعُ الْأَصْوَاتَ الْخَفِيَّةَ قَوْلُهُ: (وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ بَلْ وَقَفُوا فِي رِحَالِهِمْ وَهُمْ يَسْمَعُونَهَا، وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ فِيمَنْ لَهُ عُذْرٌ مَنَعَهُ عَنْ الْحُضُورِ لِاسْتِمَاعِهَا وَهُوَ اللَّائِقُ بِحَالِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَوْلُهُ: (فَطَفِقَ يُعَلِّمُهُمْ) هَذَا انْتِقَالٌ مِنْ التَّكَلُّمِ إلَى الْغِيبَةِ وَهُوَ أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ الْبَلَاغَةِ مُسْتَحْسَنٌ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ) يَعْنِي: الْمَكَانَ الَّذِي تُرْمَى فِيهِ الْجِمَارُ وَالْجِمَارُ هِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ الَّتِي يَرْمِي بِهَا الْجَمَرَاتُ. قَوْلُهُ: (فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ) زَادَ فِي نُسْخَةٍ لِأَبِي دَاوُد فِي أُذُنَيْهِ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَجْمَعَ لِصَوْتِهِ فِي إسْمَاعِ خُطْبَتِهِ وَلِهَذَا كَانَ بِلَالٌ يَضَعُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخِ أُذُنَيْهِ فِي الْأَذَانِ وَعَلَى هَذَا فَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَتَقْدِيرُهُ فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَوْلِ الْقَوْلَ النَّفْسِيَّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} [المجادلة: ٨] وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>