للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ تَفْضِيلِ مَكَّةَ عَلَى سَائِرِ الْبِلَادِ

١٩٢٦ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ «سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

١٩٢٧ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَكَّةَ: مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ إلَيَّ وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

مِنْ جُمْلَةِ مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَالْحُدَيَّا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ مَقْصُورًا وَهِيَ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ قَالَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ الْوَجْهُ الْهَمْزَةُ وَكَأَنَّهُ سُهِّلَ ثُمَّ أُدْغِمَ قَوْلُهُ: (وَالْحَيَّةُ) قَالَ نَافِعٌ لَمَّا قِيلَ لَهُ فَالْحَيَّةُ؟ قَالَ: لَا يُخْتَلَفُ فِيهَا.

وَفِي رِوَايَةٍ: وَمَنْ يَشُكُّ فِيهَا؟ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَلَا الْعَقْرَبَ، وَالْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِمَا، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافٌ فِي قَتْلِ صِغَارِ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ الَّتِي لَا تُؤْذِي.

[بَابُ تَفْضِيلِ مَكَّةَ عَلَى سَائِرِ الْبِلَادِ]

قَوْلُهُ: (بِالْحَزَوَّرَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ ثُمَّ هَاءٌ هِيَ الرَّابِيَةُ الصَّغِيرَةُ وَفِي الْقَامُوسِ: الْحَزْوَرَةُ كَقَسْوَرَةٍ: النَّاقَةُ الْمُقَتَّلَةُ الْمُذَلَّلَةُ وَالرَّابِيَةُ الصَّغِيرَةُ اهـ. قَوْلُهُ: (إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأَحَبُّهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِذَلِكَ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّ مَوْضِعَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَإِنَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَا عَدَا مَوْضِعَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ حَبِيبٍ الْمَالِكِيَّانِ: إنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْجُمْهُورُ وَذَهَبَ عُمَرُ وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ وَمَالِكٌ وَأَكْثَرُ الْمَدَنِيِّينَ إلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا نَصٌّ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ وَقَدْ ادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الِاتِّفَاقَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْبُقْعَةِ الَّتِي قُبِرَ فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ الْبِقَاعِ.

قِيلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الْمَرْءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>