فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إنْسَانٌ إلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد)
١٣٩١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَظَرَ إلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِي فِيهَا، قُلْتُ: إنَّ هَذَا خَلَقٌ؟ قَالَ: إنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ إنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ مُخْتَصَرٌ مِنْ الْبُخَارِيِّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ اسْتِحْبَابِ إحْسَانِ الْكَفَن مِنْ غَيْرِ مُغَالَاةٍ]
حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَحْسِنُوا الْكَفَنَ، وَلَا تُؤْذُوا مَوْتَاكُمْ بِعَوِيلٍ وَلَا بِتَزْكِيَةٍ وَلَا بِتَأْخِيرِ وَصِيَّةٍ وَلَا بِقَطِيعَةٍ، وَعَجِّلُوا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَاعْدِلُوا عَنْ جِيرَانِ السَّوْءِ وَإِذَا حَفَرْتُمْ فَأَعْمِقُوا وَوَسِّعُوا» وَعَنْ جَابِرٍ غَيْرُ حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ أَيْضًا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَحْسِنُوا كَفَنَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَبَاهُونَ وَيَتَزَاوَرُونَ بِهَا فِي قُبُورِهِمْ» .
قَوْلُهُ: (فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ) ضُبِطَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَالْمُرَادُ بِإِحْسَانِ الْكَفَنِ: نَظَافَتُهُ وَنَقَاؤُهُ وَكَثَافَتُهُ وَسِتْرُهُ وَتَوَسُّطُهُ، وَكَوْنُهُ مِنْ جِنْسِ لِبَاسِهِ فِي الْحَيَاةِ لَا أَفْخَرَ مِنْهُ وَلَا أَحْقَرَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِحْسَانِهِ السَّرَفُ فِيهِ وَالْمُغَالَاةُ وَنَفَاسَتُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ طَائِلٍ) أَيْ حَقِيرٍ غَيْرِ كَامِلٍ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ الْقَبْرِ لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ نَهَارًا يَحْضُرُهُ كَثِيرُونَ مِنْ النَّاسِ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْضُرُهُ فِي اللَّيْلِ إلَّا أَفْرَادٌ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ لِرَدَاءَةِ الْكَفَنِ فَلَا يَبِينُ فِي اللَّيْلِ وَيُؤَيِّدُهُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ وَآخِرُهُ قَالَ الْقَاضِي: الْعِلَّتَانِ صَحِيحَتَانِ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَدَهُمَا مَعًا قَالَ: وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ هَذَا. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ الْإِنْسَانُ إلَى ذَلِكَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ، فَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَقَالَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: لَا يُكْرَهُ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَجَمَاعَةً مِنْ السَّلَفِ دُفِنُوا لَيْلًا مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَبِحَدِيثِ «الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَتُوُفِّيَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، وَسَأَلَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ فَقَالُوا: تُوُفِّيَ فَدَفَنَّاهُ فِي اللَّيْلِ، فَقَالَ: أَلَا آذَنْتُمُونِي؟ قَالُوا: كَانَتْ ظُلْمَةٌ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الدَّفْنِ لَيْلًا وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ النَّهْيَ كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا لِمُجَرَّدِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ أَوْ عَنْ إسَاءَةِ الْكَفَنِ أَوْ عَنْ الْمَجْمُوعِ، وَتَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي بَابِ الدَّفْنِ لَيْلًا
١٣٩١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَظَرَ إلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِي فِيهَا، قُلْتُ: إنَّ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute