للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَاب مَوْقِف الصِّبْيَان وَالنِّسَاء مِنْ الرِّجَال]

حَدِيث أَبِي مَالك سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيَّ، وَفِي إسْنَاده شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَفِيهِ مَقَال قَوْله: (يُسَوِّي بَيْن الْأَرْبَع رَكَعَات فِي الْقِرَاءَة وَالْقِيَام) قَدْ قَدَّمْنَا فِي أَبْوَاب الْقِرَاءَة الْكَلَام فِي ذَلِكَ مَبْسُوطَا قَوْله: (لِكَيْ يَثُوب) أَيْ يَرْجِع النَّاس إلَى الصَّلَاة وَيُقْبِلُوا إلَيْهَا قَوْله: (وَيَجْعَل الرِّجَال قُدَّام الْغِلْمَان. . . إلَخْ) فِيهِ تَقْدِيم صُفُوف الرِّجَال عَلَى الْغِلْمَان، وَالْغِلْمَان عَلَى النِّسَاءِ، هَذَا إذَا كَانَ الْغِلْمَان اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيّ وَاحِد دَخَلَ مَعَ الرِّجَال وَلَا يَنْفَرِد خَلْف الصَّفّ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ

وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيث أَنَسٍ الْمَذْكُور فِي الْبَاب، فَإِنَّ الْيَتِيم لَمْ يَقِف مُنْفَرِدَا بَلْ صَفَّ مَعَ أَنَسٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُكْرَه أَنْ يَقُوم الصَّبِيّ مَعَ النَّاس فِي الْمَسْجِد خَلْف الْإِمَام إلَّا مَنْ قَدْ احْتَلَمَ وَأَنْبَتَ وَبَلَغَ خَمْس عَشْرَة سَنَة، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا رَأَى صَبِيًّا فِي الصَّفّ أَخْرَجَهُ

وَكَذَلِكَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ. وَقِيلَ عِنْد اجْتِمَاع الرِّجَال وَالصَّبِيَّانِ يَقِف بَيْن كُلّ رَجُلَيْنِ صَبِيّ لِيَتَعَلَّمُوا مِنْهُمْ الصَّلَاة وَأَفْعَالهَا قَوْله: (أَنَّ جَدَّته مُلَيْكَةَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ: إنَّ الضَّمِير عَائِد إلَى إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ، فَهِيَ جَدَّة إِسْحَاقَ لَا جَدَّة أَنَسٍ، وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ زَوْج أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَهِيَ أُمّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَالَ غَيْره: الضَّمِير يَعُود عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهِيَ جَدَّته أُمّ أُمّه وَاسْمهَا مُلَيْكَةُ بِنْتُ مَالِكٍ

وَيُؤَيِّد مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ إِسْحَاقَ الْمَذْكُور أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلَتْ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْتِيَهَا. وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا قَوْله فِي الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب " وَأُمِّي خَلْفنَا أُمُّ سُلَيْمٍ " وَقِيلَ: إنَّهَا جَدَّة إِسْحَاقَ أُمّ أَبِيهِ، وَجَدَّة أَنَسٍ أُمّ أُمّه

قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَعَلَى هَذَا فَلَا اخْتِلَاف قَوْله: (فَلَأُصَلِّيَ لَكُمْ) رُوِيَ بِكَسْرِ اللَّام وَفَتْح الْيَاء مِنْ أُصَلِّي عَلَى أَنَّهَا لَام كَيْ وَالْفَاء زَائِدَة كَمَا فِي زَيْد فَمُنْطَلِق، وَرُوِيَ بِكَسْرِ اللَّام وَحَذْف الْيَاء لِلْجَزْمِ، لَكِنَّ أَكْثَر مَا يُجْزَم فَاللَّامُ الْأَمْر الْفِعْل الْمَبْنِيّ لِلْفَاعِلِ إذَا كَانَ لِلْغَائِبِ ظَاهِر نَحْو {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] . أَوْ ضَمِير نَحْو: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) ، وَأَقَلّ مِنْهُ أَنْ يَكُون مُسْنَدًا إلَى ضَمِير الْمُتَكَلِّم نَحْو {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: ١٢] وَمِثْله مَا فِي الْحَدِيث، وَأَقَلّ مِنْ ذَلِكَ ضَمِير الْمُخَاطَب كَقِرَاءَةِ آيَةِ " فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا " بِتَاءِ الْخِطَاب، وَاللَّام فِي قَوْله: (لَكُمْ) لِلتَّعْلِيلِ، وَلَيْسَ الْمُرَاد: أَلَا أُصَلِّي لِتَعْلِيمِكُمْ وَتَبْلِيغكُمْ مَا أَمَرَنِي بِهِ رَبِّي؟ وَلَيْسَ فِيهِ تَشْرِيك فِي الْعِبَادَة، فَيُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز أَنْ يَكُون مَعَ نِيَّة صَلَاته مُرِيدًا لِلتَّعْلِيمِ فَإِنَّهُ عِبَادَة أُخْرَى

وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدنَا هَذَا فَقَالَ: إنِّي لَأُصَلِّي لَكُمْ وَمَا أُرِيد الصَّلَاة. وَبَوَّبَ لَهُ الْبُخَارِيُّ بَاب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يُرِيد إلَّا أَنْ يُعَلِّمَهُمْ قَوْله: (فَنَضَحْته) بِالضَّادِ الْمَفْتُوحَة وَالْحَاء الْمُهْمَلَة وَهُوَ الرَّشّ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ. وَقِيلَ: هُوَ الْغَسْل قَوْله: (وَقُمْت أَنَا وَالْيَتِيم وَرَاءَهُ) هُوَ ضُمَيْرَةَ بْنُ أَبِي ضُمَيْرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>