زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَالَتِهَا وَقَالَ: الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَفِيهِ: «وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ خَالَتِهَا، فَإِنَّ الْخَالَةَ وَالِدَةٌ» )
٢٩٨٤ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وَعَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَزَعَمَ أَبُوهُ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِكَفَالَةِ الطِّفْلِ]
حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِمَعْنَاهُ قَوْلُهُ: (وَخَالَتُهَا تَحْتِي) الْخَالَةُ الْمَذْكُورَةُ: هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ قَوْلُهُ: (وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي) إنَّمَا سَمَّى حَمْزَةَ أَخَاهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَوْلُهُ: (الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَالَةَ فِي الْحَضَانَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ أَنَّ الْأُمَّ أَقْدَمُ الْحَوَاضِنِ، فَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنْ تَكُونَ الْخَالَةُ أَقْدَمَ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ وَأَقْدَمَ مِنْ الْأَبِ وَالْعَمَّاتِ وَذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْهَادِي إلَى تَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَى الْخَالَةِ
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْهَادَوِيَّةُ إلَى تَقَدُّمِ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ عَلَى الْخَالَةِ أَيْضًا وَذَهَبَ النَّاصِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ الْأَخَوَاتِ أَقْدَمُ مِنْ الْخَالَةِ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْخَالَةِ بَعْدَ الْأُمِّ عَلَى سَائِرِ الْحَوَاضِنِ لِنَصِّ الْحَدِيثِ وَفَاءً بِحَقِّ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا كَانَ لَغْوًا وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْأَبَ أَقْدَمُ مِنْ الْخَالَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ قَدْ حَكَى عَنْ الْإِصْطَخْرِيُّ أَنَّ الْخَالَةَ أَوْلَى مِنْهُ، وَلَمْ يَحْكِ الْقَوْلَ بِتَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَيْهَا إلَّا عَنْ الْهَادِي وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَقَدْ طَعَنَ ابْنُ حَزْمٍ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ إسْرَائِيلُ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدْ وَثَّقَهُ سَائِرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَتَعَجَّبَ أَحْمَدُ مِنْ حِفْظِهِ وَقَالَ: ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَتْقَنُ أَصْحَابِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَفَى بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى إخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا وَاسْتَشْكَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وُقُوعَ الْقَضَاءِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَعْفَرٍ وَقَالُوا: إنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَهُ فَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا، وَهُوَ وَعَلِيٌّ سَوَاءٌ فِي قَرَابَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لِلْخَالَةِ فَهِيَ مُزَوَّجَةٌ، وَسَيَأْتِي أَنَّ زَوَاجَ الْأُمِّ مُسْقِطٌ لِحَقِّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ، فَسُقُوطُ حَقِّ الْخَالَةِ بِالزَّوَاجِ أَوْلَى وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْخَالَةِ وَالزَّوَاجُ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ مَعَ رِضَا الزَّوْجِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْإِمَامُ يَحْيَى وَابْنُ حَزْمٍ وَقِيلَ: إنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا يُسْقِطُ حَضَانَةَ الْأُمِّ وَحْدَهَا حَيْثُ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهَا الْأَبَ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ غَيْرِهَا وَلَا حَقُّ الْأُمِّ حَيْثُ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهَا غَيْرَ الْأَبِ
وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ وَحَدِيثِ «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» الْآتِي، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ جُرَيْجٍ
٢٩٨٤ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وَعَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَزَعَمَ أَبُوهُ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنِّي، فَقَالَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد لَكِنْ فِي لَفْظِهِ: «وَأَنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَزَعَمَ أَنَّهُ يَنْتَزِعُهُ مِنِّي» )
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute