بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِكَفَالَةِ الطِّفْلِ
٢٩٨٣ - (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: «أَنَّ ابْنَةَ حَمْزَةَ اخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا هِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: بِنْتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ
ــ
[نيل الأوطار]
وَرِجَالُ إسْنَادِ أَبِي دَاوُد لَا بَأْسَ بِهِمْ وَفِي الْبَابِ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ثُمَّ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ» وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ بِلَفْظِ: «إنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ثُمَّ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ثُمَّ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ثُمَّ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ» وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رِمْثَةَ بِلَفْظِ: «أُمَّك أُمَّك وَأَبَاك ثُمَّ أُخْتَك وَأَخَاك ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك»
قَوْلُهُ: (أُمَّك) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ مِنْ الْأَبِ وَأَوْلَى مِنْهُ بِالْبِرِّ حَيْثُ لَا يَتَّسِعُ مَالُ الِابْنِ إلَّا لِنَفَقَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَإِنَّهُ قَالَ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْأُمَّ تُفَضَّلُ فِي الْبِرِّ عَلَى الْأَبِ وَقِيلَ: إنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَقَدْ حَكَى الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَفْضِيلِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ عَلَى الْأَقَارِبِ، سَوَاءٌ كَانُوا وَارِثِينَ أَمْ لَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا تَفْصِيلَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ مَنْ اعْتَبَرَ الْمِيرَاثَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] قَوْلُهُ: (يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ بِلَفْظِ: " الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى " قَوْلُهُ: (وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ) قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك) هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: " ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ " وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَرِيبَ الْأَقْرَبَ أَحَقُّ بِالْبِرِّ وَالْإِنْفَاقِ مِنْ الْقَرِيبِ الْأَبْعَدِ وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا فَقِيرَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْمُنْفِقِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا فَقَطْ بَعْدَ كِفَايَتِهِ قَوْلُهُ: (وَمَوْلَاك الَّذِي يَلِي ذَاكَ) قِيلَ: أَرَادَ بِالْمَوْلَى هُنَا الْقَرِيبَ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَالِيًا لِلْأُمِّ وَالْأَبِ وَالْأُخْتِ وَالْأَخِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَالِي لَهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ فِي قَرَابَةِ النَّسَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْلَى هُوَ الْمَوْلَى لُغَةً وَشَرْعًا وَجَعْلُهُ وَالِيًا لِمَنْ ذَكَرَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِمْ فِي الْقَرَابَةِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلِيهِمْ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُمْ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: " وَرَحِمٌ مَوْصُولَةٌ " أَنْ تَكُونَ الرَّحَامَةُ مَوْجُودَةً فِي جَمِيعِ الْمَذْكُورِينَ، بَلْ يَكْفِي وُجُودُهَا فِي الْبَعْضِ كَالْأُمِّ وَالْأَبِ وَالْأُخْتِ وَالْأَخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute