للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَضِيتَ؟ قَالَ: لَا، فَزَادَهُ قَالَ: أَرَضِيتَ؟ قَالَ: لَا، فَزَادَهُ؛ قَالَ: أَرَضِيتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ لَا أَتَّهِبَ هِبَةً إلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ)

بَابُ التَّعْدِيلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْعَطِيَّةِ وَالنَّهْيِ أَنْ يَرْجِعَ أَحَدٌ فِي عَطِيَّتِهِ إلَّا الْوَالِدُ

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الثَّوَابُ عَلَى الْهَدِيَّةِ وَالْهِبَةِ]

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِهِ، وَطَوَّلَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَبَيَّنَ أَنَّ الثَّوَابَ كَانَ سِتَّ بَكَرَاتٍ، وَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: (وَيُثِيبُ عَلَيْهَا) أَيْ يُعْطِي الْمُهْدِي بَدَلَهَا، وَالْمُرَادُ بِالثَّوَابِ الْمُجَازَاةُ، وَأَقَلُّهُ مَا يُسَاوِي قِيمَةَ الْهَدِيَّةِ، وَلَفْظُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: " وَيُثِيبُ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا " وَقَدْ أُعِلَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ بِالْإِرْسَالِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَمْ يَذْكُرْ وَكِيعٌ وَمُحَاضِرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عِيسَى بْنَ يُونُسَ تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ عَنْ هِشَامٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَزَّارُ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَقَالَ أَبُو دَاوُد: تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ مُرْسَلٌ انْتَهَى وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الْمُكَافَأَةِ عَلَى الْهَدِيَّةِ إذَا أَطْلَقَ الْمُهْدِي، وَكَانَ مِمَّنْ مِثْلُهُ يَطْلُبُ الثَّوَابَ كَالْفَقِيرِ لِلْغَنِيِّ بِخِلَافِ مَا يَهَبَهُ الْأَعْلَى لِلْأَدْنَى وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ مُوَاظَبَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي أَهْدَى قَصَدَ أَنْ يُعْطَى أَكْثَرَ مِمَّا أَهْدَى فَلَا أَقَلَّ أَنْ يُعَوَّضَ بِنَظِيرِ هَدِيَّتِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَالْهَادَوِيَّةُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَوْ وَقَعَتْ الْمُوَاهَبَةُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ

وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ بَاطِلَةٌ لَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَجْهُولٌ، وَلِأَنَّ مَوْضِعَ الْهِبَةِ التَّبَرُّعُ قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ. . . إلَخْ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد: «وَاَيْمُ اللَّهِ لَا أَقْبَلُ هَدِيَّةً بَعْدَ يَوْمِي هَذَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُهَاجِرِيًّا أَوْ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا أَوْ دَوْسِيًّا أَوْ ثَقَفِيًّا» وَسَبَبُ هَمِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَهْدَى رَجُلٌ مِنْ فَزَارَةَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَةً مِنْ إبِلِهِ فَعَوَّضَهُ مِنْهَا بَعْضَ الْعِوَضِ فَتَسَخَّطَهُ، فَسَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: إنَّ رِجَالًا مِنْ الْعَرَبِ يُهْدِي أَحَدُهُمْ الْهَدِيَّةَ فَأُعَوِّضُهُ عَنْهَا بِقَدْرِ مَا عِنْدِي فَيَظَلُّ يَسْخَطُ عَلَيَّ» الْحَدِيثَ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ يَمْتَنِعُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ أَحَدٍ أَصْلًا، لَا مِنْ صَدِيقٍ وَلَا مِنْ قَرِيبٍ وَلَا غَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ لِفَسَادِ النِّيَّاتِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، حَكَى ذَلِكَ ابْنُ رَسْلَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>