للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ بَيَانِ أَنَّ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ لَيْسَتَا مِنْ الْعَوْرَةِ

٥٢١ - (عَنْ أَبِي مُوسَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَان فِيهِ مَاءٌ فَكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ بَيَانِ أَنَّ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ لَيْسَتَا مِنْ الْعَوْرَةِ]

الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ هُنَالِكَ، وَهُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ هُنَا فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ لِمَذْهَبِ مَنْ قَالَ: إنَّ الرُّكْبَةَ وَالسُّرَّةَ لَيْسَتَا مِنْ الْعَوْرَةِ، أَمَّا الرُّكْبَةُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهَا لَيْسَتْ عَوْرَةً، وَقَالَ الْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعَطَاءٌ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ: إنَّهَا عَوْرَةٌ. وَأَمَّا السُّرَّةُ فَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الرُّكْبَةَ عَوْرَةٌ قَائِلُونَ بِأَنَّهَا غَيْرُ عَوْرَةٍ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: إنَّهَا عَوْرَةٌ عَلَى عَكْسِ مَا مَرَّ لَهُ فِي الرُّكْبَةِ

وَالِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِ الْبَابِ لِمَنْ قَالَ: إنَّ الرُّكْبَةَ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ لَا يَتِمُّ؛ لِأَنَّ الْكَشْفَ كَانَ لِعُذْرِ الدُّخُولِ فِي الْمَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ أَدِلَّةُ جَوَازِهِ وَالْخِلَافُ فِيهِ، وَأَيْضًا تَغْطِيَتُهَا مِنْ عُثْمَانَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَإِنْ أَمْكَنَ تَعْلِيلُ التَّغْطِيَةِ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَغَايَةُ الْأَمْرُ الِاحْتِمَالُ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الرُّكْبَةَ مِنْ الْعَوْرَةِ بِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ: «عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ» وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا عِنْدَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ: «عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ» وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِنَحْوِهِ قَالُوا: وَالْحَدُّ يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ كَالْمِرْفَقِ وَتَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَصْرِ

وَرُدَّ أَوَّلَا بِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ فِيهِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِيهِ شَيْخُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ دَاوُد بْنِ الْمُحَبَّرِ، رَوَاهُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ، وَهُوَ مُسَلْسَلٌ بِالضُّعَفَاءِ إلَى عَطَاءٍ. وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَصْرَمَ بْنِ حَوْشَبٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَبِالْمَنْعِ مِنْ دُخُولِ الْحَدِّ فِي الْمَحْدُودِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْوُضُوءِ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ دَخَلَ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَلِأَنَّ غَسْلَهُ مِنْ مُقَدَّمَةِ الْوَاجِبِ وَأَيْضًا يَلْزَمُهُمْ الْقَوْلُ بِأَنَّ السُّرَّةَ عَوْرَةٌ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ الْجَوَابِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ لِلْقَائِلِينَ بِأَنَّ الرُّكْبَةَ عَوْرَةٌ لَا السُّرَّةَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَسْفَلُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ» وَبِتَقْبِيلِ أَبِي هُرَيْرَةَ سُرَّةَ الْحَسَنِ وَرِوَايَتِهِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَيَأْتِي

وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال لِمَنْ قَالَ: إنَّ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ لَيْسَتَا مِنْ الْعَوْرَةِ بِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي حَدِيثِ: «وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا يَنْظُرْ إلَى مَا دُونِ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا وَلَكِنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الدَّعْوَى وَالدَّلِيلِ عَلَى مُدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>