وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ لِيَجْعَلَهَا لَكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهَةِ مُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ وَالْإِيصَاءِ لِلْوَارِثِ]
حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ مَوْتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ» قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظِ: «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ لِيَجْعَلَ لَكُمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِكُمْ» وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ - وَشَيْخُهُ عُتْبَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.
وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَفِي إسْنَادِهِ حَفْصُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَعَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ وَابْنِ السَّكَنِ وَابْنِ قَانِعٍ وَأَبِي نُعَيْمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ حَدِيثَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (غَضُّوا) بِمُعْجَمَتَيْنِ: أَيْ نَقَصُوا، وَلَوْ لِلتَّمَنِّي فَلَا تَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ، أَوْ شَرْطِيَّةٌ وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالْجَوَابِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ: كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ: كَانَ أَحَبَّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (إلَى الرُّبُعِ) زَادَهُ أَحْمَدُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَكَذَا ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْحُمَيْدِيُّ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هُوَ كَالتَّعْلِيلِ لِمَا اخْتَارَهُ مِنْ النُّقْصَانِ عَنْ الثُّلُثِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ وَصْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلثُّلُثِ بِالْكَثْرَةِ قَوْلُهُ: (وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ.
" كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ " بِالشَّكِّ هَلْ هُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَثِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا دُونَهُ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ، وَعَلَى أَنَّ الْأُولَى أَنْ يَنْقُصَ عَنْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مَا يَبْتَدِرُهُ الْفَهْمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِالثُّلُثِ هُوَ الْأَكْمَلُ: أَيْ كَبِيرٌ أَجْرُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ كَثِيرٌ غَيْرَ قَلِيلٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا أَوْلَى مَعَانِيهِ، يَعْنِي أَنَّ الْكَثْرَةَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ عَوَّلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابُ النَّقْصِ عَنْ الثُّلُثِ.
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ فُقَرَاءَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَلَا وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِأَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ الْوَصِيَّةِ بِأَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute