للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ: " بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ " لَكِنْ لَهُ مِثْلُهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ) .

٢٥٧٤ - (وَعَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إنِّي أَعْتَقْتُ عَبْدًا لِي وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسَيِّبُونَ وَأَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِهِ وَلَك مِيرَاثُهُ، وَإِنْ تَأَثَّمَتْ وَتَحَرَّجَتْ فِي شَيْءٍ فَنَحْنُ نَقْبَلُهُ وَنَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ رَوَاهُ الْبَرْقَانِيُّ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْهُ: إنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ)

بَابُ الْوَلَاءِ هَلْ يُوَرَّثُ أَوْ يُورَثُ بِهِ

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ وَمَا جَاءَ فِي السَّائِبَةِ]

فِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَابْنِ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيِّ وَأَعَلَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» قَوْلُهُ: (نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْوَلَاءِ وَلَا هِبَتُهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ كَالنَّسَبِ فَلَا يَتَأَتَّى انْتِقَالُهُ

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْوِيلُ النَّسَبِ، وَحُكْمُ الْوَلَاءِ حُكْمُهُ لِحَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْوَلَاءِ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ جَوَازُ بَيْعِ الْوَلَاءِ، وَكَذَا عَنْ عُرْوَةَ، وَجَاءَ عَنْ مَيْمُونَةَ جَوَازُ هِبَتِهِ قَالَ الْحَافِظُ: قَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَيَبِيعُ أَحَدُكُمْ نَسَبَهُ؟ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ: " الْوَلَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ النَّسَبِ " وَمِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ بَيْعَ الْوَلَاءِ وَهِبَتَهُ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَ يُنْكِرَانِ ذَلِكَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَيُغْنِي عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ، وَحَدِيثُهُ الثَّانِي الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَقَدْ جَمَعَ أَبُو نُعَيْمٍ طُرُقَهُ فَرَوَاهُ عَنْ نَحْوٍ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُرْوَى بِأَسَانِيدَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ

قَوْلُهُ: (صَرْفًا وَلَا عَدْلًا) الصَّرْفُ: التَّوْبَةُ وَقِيلَ: النَّافِلَةُ، وَالْعَدْلُ: الْفِدْيَةُ، وَقِيلَ: الْفَرِيضَةُ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَ مَوَالِيهِ، لِأَنَّ اللَّعْنَ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّهُ مِنْ الذُّنُوبِ الشَّدِيدَةِ قَوْلُهُ: (وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: السَّائِبَةُ: الْمُهْمَلَةُ: وَالْعَبْدُ يَعْتِقُ عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ انْتَهَى

وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ثُمَّ هَدَمَهُ الْإِسْلَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>