بَابُ غُسْلِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ
٣٢٨ - (عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «ثَقِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ. قَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَتْ إرْسَالَهُ إلَى أَبِي بَكْرٍ» . وَتَمَامُ الْحَدِيثِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
زَائِدَةٌ وَالْإِجَّانَةُ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ فَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ فَأَلِفٌ فَنُونٍ وَيُقَالُ: الْإِيجَانَة وَالْإِنْجَانَة بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة مِنْ تَحْتِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ أَوْ بِالنُّونِ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً فَوْقَ الْمَاءِ) أَيْ الَّذِي تَقْعُدُ فِيهِ. فَإِنَّهَا تَظْهَرُ الصُّفْرَةُ فَوْقَهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُصَبُّ عَلَيْهَا الْمَاءُ.
وَفِي شَرْحِ الْمَقْرِبِيِّ لِبُلُوغِ الْمَرَامِ مَا لَفْظُهُ: أَيْ صُفْرَةُ الشَّمْسِ، وَفِي نُسْخَةٍ صُفَارَة أَيْ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَقَرُبَتْ مِنْ الْعَصْرِ حَتَّى تَرَى فَوْقَ الْمَاءِ مِنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ شِبْهَ صُفَارَةٍ؛ لِأَنَّ شُعَاعَهَا يَتَغَيَّرُ، وَيَقِلُّ فَيَضْرِبُ إلَى صُفْرَةٍ انْتَهَى. فَيُنْظَرُ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّفْسِيرِ.
[بَابُ غُسْلِ الْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ]
قَوْلُهُ: (ثَقِلَ) بِفَتْحِ الثَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: ثَقِلَ كَفَرِحِ فَهُوَ ثَقِيلٌ، وَثَاقِلٌ: اشْتَدَّ مَرَضُهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمِخْضَبِ) كَمِنْبَرٍ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَهُوَ الْمِرْكَنُ وَقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا. قَوْلُهُ: (لِيَنُوءَ) أَيْ لِيَنْتَهِضَ بِجَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ.
قَوْلُهُ: (فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ) أَيْ غُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ. وَتَمَامُ الْحَدِيثِ قَالَتْ: «وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَة، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا - يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ. قَالَتْ: فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ قَالَتْ: فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ، ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْن رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لَيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا تَتَأَخَّرَ وَقَالَ لَهُمَا: أَجْلِسَانِي إلَى جَنْبِهِ فَأَجْلَسَاهُ إلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ يَأْتَمُّ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدٌ» .
وَالْحَدِيثُ لَهُ فَوَائِدُ مَبْسُوطَةٌ فِي شُرُوحِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ هَهُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الِاغْتِسَالِ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ مُثْقَلٌ بِالْمَرَضِ فَدَلَّ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute