٣٨٨ - (عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ: " أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ وَكَانَ زَوْجُهَا يُجَامِعُهَا ") .
٣٨٩ - (وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: " كَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ تُسْتَحَاضُ وَكَانَ زَوْجُهَا يَغْشَاهَا " رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد، وَكَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَكَانَتْ حَمْنَةُ تَحْتَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) .
كِتَابُ النِّفَاسِ بَابُ أَكْثَرِ النِّفَاسِ
ــ
[نيل الأوطار]
ثِقَاتٌ، وَإِنَّمَا غَرَّبَهُ التِّرْمِذِيُّ؛ لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ.
وَفِي الْبَابِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» وَهُوَ شَاهِدٌ لِصِحَّةِ حَدِيثِ الْبَابِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ السَّابِقُ. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْبَابِ: لَمَّا اُعْتُضِدَ بِهِ ارْتَقَى فِي مَرَاتِبِ التَّحْسِينِ إلَى مَرْتَبَةٍ لَمْ تَكُنْ لَهُ لَوْلَاهُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَرَوْا بِمُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ بَأْسًا. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا مِمَّا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى - {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢]- فَالْمُرَادُ اعْتَزِلُوا وَطْأَهُنَّ. .
[بَابُ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ]
أَمَّا حَدِيثُهُ الْأَوَّلُ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَأَمَّا حَدِيثُهُ الثَّانِي فَفِي إسْنَادِهِ مُعَلَّى وَهُوَ ثِقَةٌ، وَكَانَ أَحْمَدُ لَا يَرْوِي عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ. وَفِي سَمَاعِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ مِنْ حَمْنَةَ وَمِنْ أَمِّ حَبِيبَةَ نَظَرٌ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ. وَهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى جَوَازِ مُجَامَعَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَوْ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ؛ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَإِسْحَاقَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي الْبَابِ.
وَقَالَ النَّخَعِيّ وَالْحَكَمُ: إنَّهُ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا، وَكَرِهَهُ ابْنُ سِيرِينَ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ الْمَنْعُ أَيْضًا. وَلَعَلَّ أَهْلَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُقَيِّدُونَ ذَلِكَ بِأَنْ لَا تَعْلَمَ بِالْأَمَارَاتِ أَوْ الْعَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ الدَّمَ دَمُ حَيْضٍ؛ وَفِي احْتِجَاجِهِمْ بِرِوَايَتَيْ عِكْرِمَةَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُمَا أَنَّهُ فِعْلُ صَحَابِيٍّ وَلَمْ يُنْقَل فِيهِ التَّقْرِيرُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا الْإِذْنُ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِدَلِيلٍ، وَلَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ شَرْعٌ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute