للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَنْ أَذِنَ فِي انْتِهَابِ أُضْحِيَّتِهِ

٢١٣٩ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ وَقُرِّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسُ بَدَنَاتٍ أَوْ سِتٌّ يَنْحَرُهُنَّ فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إلَيْهِ أَيَّتُهُنَّ يَبْدَأُ بِهَا فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا قَالَ كَلِمَةً خَفِيَّةً لَمْ أَفْهَمْهَا فَسَأَلْت بَعْضَ مَنْ يَلِينِي مَا قَالَ؟ قَالُوا: قَالَ: مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد)

ــ

[نيل الأوطار]

أَوْ غَيْرَهَا مِنْ آلَةِ الْبَيْتِ لَا شَيْئًا مِنْ الْمَأْكُولِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَا يَبِيعُهُ وَلَكِنْ يَجْعَلُهُ سِقَاءً وَشَنًّا فِي الْبَيْتِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَطْعَمْتُمْ) . . . إلَخْ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ أَطْعَمَهُ غَيْرُهُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ أَنْ يَأْكُلَ كَيْفَ شَاءَ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا.

[بَابُ مَنْ أَذِنَ فِي انْتِهَابِ أُضْحِيَّتِهِ]

وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مَنْ رَخَّصَ فِي نُثَارِ الْعَرُوسِ وَنَحْوِهِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ. قَوْلُهُ: (ابْنُ قُرْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَآخِرُهُ طَاءٌ مُهْمَلَةٌ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ النَّحْرِ) هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ. وَقَالَ: هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ وَلَكِنَّهُ يُعَارِضُهُ حَدِيثُ «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» .

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ وَتَقَدَّمَ الْجَمْعُ وَيُعَارِضُهُ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» وَقَدْ ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ أَعْظَمُ وَكَوْنُهُ أَعْظَمَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِكَوْنِهِ أَفْضَلَ لَكِنَّهُ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ بِالْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الدَّلَالَةَ الْمُطَابِقِيَّةَ أَقْوَى مِنْ الِالْتِزَامِيَّةِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بِحَمْلِ أَعَظْمِيَّةِ يَوْمِ النَّحْرِ عَلَى غَيْرِ الْأَفْضَلِيَّةِ فَذَاكَ وَإِلَّا يُمْكِنُ فَدَلَالَةُ حَدِيثِ جَابِرٍ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ يَوْمِ عَرَفَةَ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ يَوْمِ النَّحْرِ.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْقَرِّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى. وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالنَّحْرِ فَاسْتَرَاحُوا وَمَعْنَى قَرُّوا: اسْتَقَرُّوا وَيُسَمَّى يَوْمَ الْأَوَّلِ وَيَوْمَ الْأَكَارِعِ. قَوْلُهُ: (يَزْدَلِفْنَ) أَيْ: يَقْتَرِبْنَ، وَأَصْلُ الدَّالِ تَاءٌ ثُمَّ أُبْدِلَتْ مِنْهَا وَمِنْهُ الْمُزْدَلِفَةُ لِاقْتِرَابِهَا إلَى عَرَفَاتٍ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: ٩٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>