١٤٤٥ - (وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «مَرَّتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِنَازَةٌ تَمْخَضُ مَخْضَ الزِّقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلَيْكُمْ الْقَصْدَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
١٤٤٦ - (وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّا لَنَكَادُ نَرْمُلُ بِالْجِنَازَةِ رَمَلًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) .
١٤٤٧ - (وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعٍ قَالَ: «أَسْرَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تَقَطَّعَتْ نِعَالُنَا يَوْمَ مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ.» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ الْإِسْرَاعِ بِهَا مِنْ غَيْرِ رَمَلٍ]
حَدِيث أَبِي مُوسَى أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى مِنْ قَوْلِهِ: " إذَا انْطَلَقْتُمْ بِجِنَازَتِي فَأَسْرِعُوا فِي الْمَشْيِ " قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ شِدَّةِ الْإِسْرَاعِ. وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ. .
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد قَالَ: «سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمَشْيِ خَلْفَ الْجِنَازَةِ فَقَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا عَجَّلْتُمُوهُ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَلَا يُبَعَّدُ إلَّا أَهْلُ النَّارِ» وَقَدْ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ أَبَا مَاجِدَةَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مَجْهُولٌ. وَقَالَ يَحْيَى الرَّازِيّ وَابْنُ عَدِيٍّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَالرَّاوِي عَنْهُ يَحْيَى الْجَابِرُ بِالْجِيمِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (أَسْرِعُوا) قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: هَذَا أَمْرٌ لِلِاسْتِحْبَابِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. وَشَذَّ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: بِوُجُوبِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ شِدَّةُ الْمَشْيِ، وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهُ بَعْضُ السَّلَفِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ
قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَيَمْشُونَ بِهَا مُسْرِعِينَ دُونَ الْخَبَبِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ غَيْرَ أَنَّ الْعَجَلَةَ أَحَبُّ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْ الْجُمْهُورِ الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ مَا فَوْقَ سَجِيَّةِ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ بِهَا لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يَنْتَهِي إلَى شِدَّةٍ يُخَافُ مَعَهَا حُدُوثُ مَفْسَدَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مَشَقَّةٍ عَلَى الْحَامِلِ أَوْ الْمُشَيِّعِ لِئَلَّا يَتَنَافَى الْمَقْصُودُ مِنْ النَّظَافَةِ وَإِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنْ لَا يُتَبَاطَأَ بِالْمَيِّتِ عَنْ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّ التَّبَاطُؤَ رُبَّمَا أَدَّى إلَى التَّبَاهِي وَالِاخْتِيَالِ اهـ
وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ وَحَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّرْعَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هِيَ السُّرْعَةُ الشَّدِيدَةُ الْمُقَارِبَةُ لِلرَّمَلِ وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّرْعَةِ مَا دُونَ الْخَبَبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute