للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ كَفَّارَةِ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ

١٦٦٣ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُل إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا: قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، قَالَ: تَصَدَّقَ بِهَذَا، قَالَ: فَهَلْ عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجَ إلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَفِي لَفْظِ ابْنِ مَاجَهْ قَالَ: «أَعْتِقْ رَقَبَةً، قَالَ: لَا أَجِدُهَا، قَالَ: صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا أُطِيقُ، قَالَ: أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» وَذَكَرَهُ.

وَفِيهِ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ. وَلِابْنِ مَاجَهْ وَأَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةٍ: " وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ " وَفِي لَفْظٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ فِيهِ «فَقَالَ: هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ، فَقَالَ: مَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي» . وَذَكَرَهُ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا كَانَتْ مُكْرَهَةً)

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ كَفَّارَةِ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ]

. فِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَلَفْظُ الدَّارَقُطْنِيّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الْحَاكِمَ نَظَرَ فِي كِتَابٍ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ فَلَمْ يَجِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ، يَعْنِي " هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ " وَأَخْرَجَهَا مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهَا أُدْخِلَتْ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ فِي حَدِيثِهِ وَأَنَّ أَصْحَابَهُ لَمْ يَذْكُرُوهَا. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ رِوَايَةِ سَلَامَةَ بْنِ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَوْلُهُ: (جَاءَ رَجُلٌ) قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي الْمُبْهَمَاتِ: إنَّ اسْمَهُ سَلْمَانُ أَوْ سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ أَنَّهُ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ: سَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍ. قَوْلُهُ: (هَلَكْتُ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَامِدًا؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مَجَازٌ عَنْ عِصْيَانِ الْمُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْمُتَوَقَّعَ كَالْوَاقِعِ مَجَازًا، فَلَا يَكُونُ فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى النَّاسِي وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إنَّهَا تَجِبُ عَلَى النَّاسِي، وَاسْتَدَلُّوا بِتَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلِاسْتِفْصَالِ وَهُوَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ حَالُهُ بِقَوْلِهِ: " هَلَكْتُ وَاحْتَرَقْتُ " وَأَيْضًا وُقُوعُ النِّسْيَانِ فِي الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>