للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ إلَّا لِعُذْرٍ وَبَيَانُ فِدْيَتِهِ

١٨٩٤ - (عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: «كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي فَحُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ مِنْكَ مَا أَرَى، أَتَجِدُ شَاةً؟ قُلْت: لَا، فَنَزَلَتْ الْآيَةُ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] . قَالَ: هُوَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفَ صَاعٍ، نِصْفَ صَاعٍ طَعَامًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ: كَأَنَّ هَوَامَّ رَأْسِك تُؤْذِيكَ؟ فَقُلْت: أَجَلْ، قَالَ: فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

وَلِأَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةٍ: «فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِي: احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ اُنْسُكْ شَاةً فَحَلَقْتُ رَأْسِي ثُمَّ نَسَكْتُ» .

ــ

[نيل الأوطار]

فَنُضَمِّدُ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ: نُلَطِّخُ قَوْلُهُ: (بِالسُّكِّ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ مَعْرُوفٌ قَوْلُهُ: (فَإِذَا عَرِقَتْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْهَانَا) سُكُوتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْكُتُ عَلَى بَاطِلٍ قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُقَتَّتٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: زَيْتٌ مُقَتَّتٌ طُبِخَ فِيهِ الرَّيَاحِينُ أَوْ خُلِطَ بِأَدْهَانٍ طَيِّبَةٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِادِّهَانِ بِالزَّيْتِ الَّذِي لَمْ يُخْلَطْ بِشَيْءٍ مِنْ الطِّيبِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إنَّهُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ الزَّيْتَ وَالشَّحْمَ وَالسَّمْنَ وَالشَّيْرَجَ، وَأَنْ يَسْتَعْمِلَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ سِوَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ قَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الطِّيبَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَدَنِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الطِّيبِ وَالزَّيْتِ فِي هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا النَّقْلِ. عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْبَابِ قَدْ مَرَّ فَلَا نُعِيدُهُ

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ إلَّا لِعُذْرٍ وَبَيَانُ فِدْيَتِهِ]

قَوْلُهُ: (مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ الْجَهْدَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ: أَظُنُّ، وَالْجَهْدُ بِالْفَتْحِ: الْمَشَقَّةُ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالضَّمُّ لُغَةٌ فِي الْمَشَقَّةِ أَيْضًا وَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: بِالضَّمِّ الطَّاقَةُ وَبِالْفَتْحِ الْكُلْفَةُ فَيَتَعَيَّنُ الْفَتْحُ هُنَا قَوْلُهُ: قَدْ بَلَغَ مِنْكَ مَا أَرَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ الرُّؤْيَةِ.

قَوْلُهُ: نِصْفَ صَاعٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْ شُعْبَةَ نِصْفَ صَاعِ طَعَامٍ وَفِي أُخْرَى عَنْ أَبِي لَيْلَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ وَفِي رِوَايَةٍ أَيْضًا عَنْ شُعْبَةَ نِصْفَ صَاعٍ حِنْطَةً قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا بُدَّ مِنْ تَرْجِيحِ إحْدَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهَا قِصَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>