آخِرِهِ، «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّشَهُّدَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ النَّاسَ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» ، وَذَكَرَهُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي التَّشَهُّدِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ ذِكْرِ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ]
الْحَدِيثُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ أَيْضًا: هُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي التَّشَهُّدِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ طَرِيقًا وَسَرَدَ أَكْثَرَهَا. وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ. وَقَالَ مُسْلِمٌ: إنَّمَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَغَيْرُهُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ. وَقَالَ الذُّهْلِيُّ: إنَّهُ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي التَّشَهُّدِ. وَمِنْ مُرَجَّحَاتِهِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَأَنَّ رُوَاتَهُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي حَرْفٍ مِنْهُ بَلْ نَقَلُوهُ مَرْفُوعًا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ. وَقَدْ رَوَى التَّشَهُّدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرُ ابْنِ مَسْعُودٍ. مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ. وَمِنْهُمْ جَابِرٌ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ وَالْحَاكِمُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَمِنْهُمْ عُمَرُ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ رُوِيَ مَرْفُوعًا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمِنْهُمْ عَلِيٌّ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَمِنْهُمْ أَبُو مُوسَى أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمِنْهُمْ عَائِشَةُ أَخْرَجَهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيّ وَقْفَهُ. وَمِنْهُمْ سَمُرَةُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَمِنْهُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ. وَمِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ قَالَهُ الْحَافِظُ. وَمِنْهُمْ سَلْمَانُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَمِنْهُمْ أَبُو حُمَيْدٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَوْقُوفًا. وَمِنْهُمْ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَمِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَمِنْهُمْ أَنَسٌ قَالَ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَمِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَيْضًا. وَمِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَيْضًا. وَمِنْهُمْ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَحُذَيْفَةُ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ رَبِيعَةَ وَابْنُ أَبِي أَوْفَى، وَفِي أَسَانِيدِهِمْ مَقَالٌ وَبَعْضُهَا مُقَارِبٌ. قَوْلُهُ: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ) هِيَ جَمْعُ تَحِيَّةٍ. قَالَ الْحَافِظُ وَمَعْنَاهَا: السَّلَامُ وَقِيلَ: الْبَقَاءُ وَقِيلَ: الْعَظَمَةُ وَقِيلَ: السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ وَالنَّقْصِ وَقِيلَ: الْمُلْكُ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ التَّحِيَّةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ وَالْبَغَوِيِّ: الْمُرَادُ بِالتَّحِيَّاتِ: أَنْوَاعُ التَّعْظِيمِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَوَاتُ) قِيلَ: الْمُرَادُ الْخَمْسُ وَقِيلَ: أَعَمُّ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا وَقِيلَ: الدَّعَوَاتُ وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ وَقِيلَ: التَّحِيَّاتُ: الْعِبَادَاتُ الْقَوْلِيَّةُ، وَالصَّلَوَاتُ: الْعِبَادَاتُ الْفِعْلِيَّةُ، وَالطَّيِّبَاتُ: الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute