للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ ذِكْرِ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ

٧٧٤ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَفِي لَفْظٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» ، وَذَكَرَهُ، وَفِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: «وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» ، وَفِي

ــ

[نيل الأوطار]

جَفَاءً بِالرَّجُلِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى يَقْعُدُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَيَقُولُ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ» .

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يُقْعِيَانِ. وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يُقْعُونَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَأَسَانِيدُهَا صَحِيحَةٌ. فَقَالَ الْخَطَّابِيِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ الْإِقْعَاءَ مَنْسُوخٌ، وَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ. وَقَدْ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِالنَّسْخِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: إنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهَا بِأَنَّ الْإِقْعَاءَ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْسِيرِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَالْإِقْعَاءُ الَّذِي صَرَّحَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ هُوَ وَضْعُ الْأَلْيَتَيْنِ عَلَى الْعَقِبَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالرُّكْبَتَانِ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا الْجَمْعُ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ وَالْمُعَارِضُ لَهَا يُرْشِدُ إلَيْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَلِمَا فِي أَحَادِيثِ الْعَبَادِلَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَعَلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: مِنْ السُّنَّةُ أَنْ تَمَسَّ عَقِبَيْك أَلْيَتُك» وَهُوَ مُفَسِّرٌ لِلْمُرَادِ فَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ غَفْلَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَعَمَّا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ مِنْ جَهْلِ تَارِيخِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَعَنْ الْمَنْعِ مِنْ الْمَصِيرِ إلَى النَّسْخِ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فِعْلُهُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ. وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ فَقَدْ عَرَفْت تَفْسِيرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَارِدًا لِلْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَلَا يَكُونَ مُنَافِيًا لِلْقُعُودِ عَلَى الْعَقِبَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ كَوْنُ الْإِقْعَاءِ الْمَرْوِيِّ عَنْ الْعَبَادِلَةِ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ مُسْنَدًا بِمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>